رسالة مؤثرة من الطفلة جنى الى الشهيدة ريا فرانسوا الشدياق
بقلم الطفلة: جنى الصراف
بلدة مزيارة، بلدة شامخة بأهلها، تحب أبناءها، وأبناؤها يحبونها… تتميز هذه البلدة بكل شيء عن البلدات الأخرى، ويتميز أبناؤها بكرمهم وعطائهم لبلدتهم، فرسخوا الروابط فيما بينهم، وتنافسوا على المحبة والشهادة والتضحية والمساعدة
زرت مزيارة مع والدَي، وفي كل مرة أتمنى ألا تكون الزيارة الأخيرة…ففي كل مرّة، تجد جديداً يجذبك أو تشتاق إلى زيارة مزيارة، فتأتي مرة أخرى.
كنت في الثالثة من عمري، عندما زرت مزيارة لأول مرة، ففي العودة، سألت والدي عما إذا مزيارة موجودة في لبنان، فابتسم وقال لي: عندما يتسابق الأبناء في العطاء، ويتنافسون في المحبة، يحولون بلدتهم إلى جنةٍ مميزةٍ ومركزٍ سياحيٍ فيكون أمثولة لمن إقتدى…
في ذلك اليوم، لم أفهم معنى كلام والدي جيداً، ولكن اليوم، وأنا في الحادية عشرة من عمري، أفهم المعنى أكثر كلما أزور مزيارة .
إن أردت أن أفي مزيارة وأهلها بمقالتي هذه فلن أستطيع، لأنه من الصعب جداً أن تلخص مزيارة وأهلها بمجلدات… ولكن أحببت أن أكتب باختصار قصة حدثت في مزيارة، قصة ألم عائلة تحول إلى عطاء ومحبة ورسالة لكل زائر… فزاد من جمال مزيارة… فيا ليت لبنان قطعة منك يا مزيارة!!!…
في الثاني والعشرين من شهر أيلول ٢٠١٧ لفظت ريّا فرانسوا الشدياق أنفاس الشهادة فتشابهت شهادتها بشهادة القديسة ماريا غورتي. وكيف لا؟ فالشهادة عطاء الذات على مذابح القداسة، وفرانسوا و ماري الشدياق والدَي الشهيدة ريّا هما من أبناء مزيارة، فقد حولوا ألمهم لمحبة تكلل كل زائر مزار القديسة ماريا غورتي الذي بني على شكل وردة وثلاثة شموع أمام منزلهما تكريماً لإبنتهما الشهيدة ريّا…
إنها ليست صدفة… إنه عزم وقوة وإرادة الله في والدة ريّا أن تحمل ألم إبنتها من على صخرة مزيارة كما حملت والدة المسيح ألم ابنها من على صخرة الجلّجلة، فأعطت كل من ماري ومريم حباً ينثر على كل زائر مزار ولديهما… نعم! إنها ليست صدفة أن تحملا الأمهتان الإسم والألم…
نعم! فقد تحول عمل الجريمة إلى مكان للتأمل والإيمان والصلاة…
نعم! فقد تحولت الجريمة إلى فرصة لتوجيه رسالة محبة وعطاء من قلب مجروح متألم، مبدع، مثقل ببركات خالق الكون…
نعم! ها هي مزيارة وها هم أبناؤها…
نعم، إن ذكرى ريّا خالدة ..
نعم وألف نعم
من هنا، لا بد لي من أن أتوجه إلى والدَي الشهيدة ريّا بكلمات من القلب: بدل من أن أعزيكما اليوم بشهادة ريّا كنتما أنتما من يعزيان جميع زائريكما بوردة وشمعة رُسّختا على مطلٍّ رائع، ومناظر خلابة، فتمجدان إسم الرب لحكمته، وبالصلاة لريّا، تعانق الأرض الجنة، وترتوي روح الزائر بروحها المتجددة…
ولأختم رسالتي هنا، إسمحوا لي أن أقول للسيد فرانسوا والسيدة ماري الشدياق؛ وإن الكأس مرّ باستشهاد فلذة كبدكما، ولكن قلبها ينبض في قلب كل مؤمن بالشهادة للمسيح، وبالقداسة..
نعم أنتما المثل والمثال..
فيا ليت لبنان قطعة منك يا مزيارة… ويا ليت…