مروان الأيوبي: لبيروت في عيد تحريرها ..تحية
كتب: أ.مروان الايوبي
بيروت سيدة العواصم..هذه المدينة العظيمة التي صمدت..تصدت ..واجهت واطلقت طلقة المقاومة الاولى.
هذه المدينةكتبت تاريخها بالدم..مع اول شهيد لبناني من اجل فلسطين..وحين زحف شبابها الى الجنوب في مواجهة العدو الصهيوني عام ١٩٧٨ وتوجت نفسها عروس المدن منذ بدء حصارها في ١٢ حزيران ١٩٨٢..
اثنان وثمانون يوماً وبيروت المحاصرة دون كهرباء وماء..دون غذاء وآلاف اطنان القنابل تدك بيوتاتها والشوارع..تطحن الناس تحت ركام المباني لكنها لا ترفع الرايات البيضاء.. لا هدير الطائرات وصواريخها..
لا مدفعية البوارج ولا قصف المدافع ارعبها ..كل محاولات العدو لاقتحامها فشلت حتى محاولاته باختراقها عبر السيارات المفخخة سقطت ..كان صمودها عظيماً بعظمة اهلها ومقاتليها بكل تلاوينهم واطيافهم..
وعندما قرر الفلسطينيون هجرتهم الثانية وبدأت قوافل السفر من البحر الى البحر في ٢١ آب حتى اخر رحلة للقائد ابو عمار في ٣٠ منه ودعتهم بيروت بالاهازيج وبالدموع لان الدم الذي روى تراب المدينة ،كان دماً عربياً خالصاً..
كأن ايلول شهر للموت..للصمت ..منذ انفصال اول وحدة عربية بين مصر وسوريا..الى وفاة جمال عبد الناصر ..كان لبيروت موعد مع ايلول..في الاول منه بدأ رفع الحواجز تمهيداً للانقضاض على المدينة والاقتصاص من صمودها..ففي صبيحة ١٥ ايلول فجراً تم اقتحام بيروت من اربعة محاور وكانت مواجهات بطولية في مختلف المناطق ،وكانت شواهد القتال في جسر سليم سلام وراس بيروت والمصيطبة والطريق الجديدة التي لم يدخلها العدو..
وفجراً في ١٦ ايلول وفي خضم المواجهات والعمليات كانت مجزرة صبرا وشاتيلا ..على مدى ثلاثة ايام كان القتل يخطف آلاف الارواح من لبنانيين وفلسطينيين ..عزل في مواجهة الات الذبح..ساد لون الموت على سماء المدينة.. خيم الصمت الموحش..لكنه لم يدم طويلاً .خرقته طلقة المقاومة الاولى والثانية والالف..انطلقت العمليات في كل الشوارع ضد الدنس الصهيوني وكانت عمليات في قلب النهار ووضوح شمسه وفي ليل المدينة المقمر بسواعد شبابها..
١١ يوماً كانت كابوساً على جيش العدو..
كانت مناشيره اثناء الحصار ..دعوتنا الى الاستسلام..
صارت دعواته عبر مكبرات الصوت :لا تطلقوا النار فنحن راحلون ..راحلون..
وفي ٢٧ ايلول انسحب الطغاةمن بيروت..يجرون اذيال الخيبة ..وانتصرت بيروت لتاريخها..
كان ايلول شهر الحزن الدفين في وجدان المدينة..وبات ايلول شهر الانتصار الذي تشهد عليه حجارة ارصفتها إن نطقت ..وليتها تنطق ..
في عيد تحريرها ..تحية لاهلها بصمودهم الذين شكلوا البيئة الحاضنة والحامية لشبابها..
تحية لكل المقاتلين بمختلف اطيافهم الحزبية وتلاوينهم الفكرية الذين ارخوا لتاريخ المدينة..