كلمة الأمين العام لحزب الله في ذكرى مرور أسبوع على رحيل النائب اللبناني السابق محمد حسن ياغي
باسمه تعالى
كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في الاحتفال التأبيني بمناسبة مرور أسبوع على رحيل فقيد الجهاد والمقاومة الحاج محمد حسن ياغي (أبو سليم)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ “الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”.
ويقول تعالى:”وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا” صدقَ اللهُ العليُّ العظيم.
ونحن نشهد أنك أيها الحاج القائد الفقيد الحبيب العزيز كُنتَ مُطيعاً لله ولرسوله وللذين آمنوا، أُجدد في هذا اللقاء تعزيتي لكم جميعاً للحضور الكريم ولأهلنا في البقاع، لكل أبناء مسيرتنا الإيمانية والجهادية لأبناء المقاومة وجمهور المقاومة، وبالخصوص عائلة الفقيد الشريفة فرداً فرداً، وأشكرهم على ما سمعناه قبل قليل وما نعرفه دائماً من حبهم وحسن ظنهم ووفائهم وإخلاصهم.
يجب أيضاً في بداية الكلمة أن نُجدد عزاءنا للشهداء في كرمان، الشهداء الزوار للقائد الكبير الحاج قاسم سليماني، نُقدم عزاءنا لسماحة الإمام الخامنئي دام ظله، للشعب الإيراني العزيز، للمسؤولين في الجمهورية الإسلامية، ولعوائل هؤلاء الشهداء الذين لم تذهب دماؤهم هدراً، وقد سمعنا في وسائل الإعلام تبنّي تنظيم داعش الإرهابي لهذه العملية، وسأعود إلى داعش في سياق الكلمة، أسأل الله سبحانه وتعالى للشهداء عُلو الدرجات وللجرحى الشفاء والعافية.
كما يجب أن نتوجه إلى إخواننا في العراق، إلى المرجعية الدينية الرشيدة، إلى القادة العراقيين، إلى الشعب العراقي، إلى فصائل المقاومة في العراق، إلى الحشد الشعبي، إلى حركة النجباء بالخصوص، بِشهادة الأخ القائد أبو تقوى الحاج مشتاق السعيدي والأخ الذي استشهد معه، من خلال العدوان الأميركي المباشر على سيارتهم وهم يتنقلون داخل مقر الحشد الشعبي، أيضاً سأعود إلى هذا الأمر في سياق الكلمة .
كلمتي من عدة مقاطع كالعادة، مقطع المناسبة ومقطع سأتحدث فيه عن الجبهة الجنوبية في جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة، ربما أول مرة تُتاح لنا فرصة لِنتحدث عن الموضوع، ومقطع عن مستجدات المنطقة، في العراق واليمن وفلسطين، وكلمة أخيرة أود أن أتوجه فيها إلى عوائل الشهداء إلى النازحين إلى الصامدين إلى الجرحى إلى المقاتلين إلى بيئة المقاومة في لبنان.
أولاً: عندما نتحدث عن أخينا الحبيب والعزيز الحاج محمد ياغي الحاج أبو سليم، طبعا نحن منذ أن عرفناه عرفناه بأبو سليم وأنا سأبقى أقول الحاج أبو سليم، على الرغم من أنه أبو حسين لكن سبق أبو سليم وبقي أبوسليم، شهادتي فيه هي شهادة حسية وليس عن فلان عن فلان، أنا عرفته منذ أن كُنا شبانا كان عمري تعرفنا على بعضنا بال1978 أنا كنت بين 18 وال19 والحاج أبو سليم بين 19 وال20 ، ومنذ الساعات الأولى لِتعارفنا نشأت علاقة أخوة وصداقة ومودة ومحبة كبير وثقة كاملة، الحاج أبو سليم منذ بداية شبابه كان مجاهدا وعاملا وحركيا وثائرا وفاعلا في محيطه وفي بيئته وابتداءً من مدينة بعلبك، كان المُلهم الأول للحاج أبو سليم لأن كل شخص يتطلع إلى قائد وإلى ملهم، كان الإمام سماحة السيد موسى الصدر أعاده الله بخير ورفيقيه كان مُلهمه الأول، بداية تعارفنا مضطر لأتحدث عن هذا التعارف من باب التأكيد على شهادتي به، عندما التحقت بالحوزة العلمية في بعلبك التي أسسها سيدنا واستاذنا سيد شهداء مقاومتنا السيد عباس الموسوي رضوان الله تعالى عليه، ومع الحوزة في بعلبك حصل التواصل مع كل البيئة الشعبية في البقاع، وبالخصوص على المستوى الشعبي وأيضا على المستوى التنظيمي، في الإطار الذي كان فاعلا في تلك المرحلة بشكل أساسي في حركة أمل، كما هو معروف بالتنسيق بين السيد عباس الموسوي رئيس المدرسة الدينية والأخ العزيز السيد أبو هشام حفظه الله، الذي كان المعني الأول بتنظيم حركة أمل في البقاع آنذاك، صار تنسيق وتوافق للنشاط التبليغي والثقافي في البلدات وداخل التنظيم، وهنا كانت بداية العلاقة بيني وبين الأخ أبو سليم، إلتقينا في أول مجموعة تنظيمية في مدينة بعلبك، وهو كان المسؤول التنظيمي للمجموعة، وكانت تضم المجموعة عددا من الإخوة بعضهم قضوا شهداء مثل الشهيد القائد الحاج حسان اللقيس، وبعضهم فقدناهم منذ مدة كالفقيد العزيز والأخ الحاج صلاح نون، وأغلب هؤلاء الإخوة الذين كانوا شبانا وأفرادا في هذه المجموعة أصبحوا لاحقا مسؤولين في حركة أمل قبل 82 وبحزب الله بعد 82 ، منذ تلك اللحظة بدأت تلك العلاقة وبقينا سويا وعملنا سويا منذ 1978 يعني أكثر من 40 سنة هذه الرفقة الطويلة، كُنا نذهب إلى البلدات ما زلنا نتحدث عن فترة 78-79، كُنا نذهب إلى البلدات في الليالي أنا والحاج أبو سليم في سيارة واحدة، يقودنا أحد الإخوة الأعزاء الذي أرجو أن يكون ما زال على قيد الحياة، وكُنا نذهب من بلدة إلى بلدة، كانت مسؤوليته أن يقدم التقدير والتحليل السياسي وكانت مسؤوليتي أن أقدم المحاضرة الدينية والثقافية، وواصلنا معاً حتى قبل 82 في إطار الحركة، وتقدمنا معا في تحمل المسؤولية، في المنطقة الأولى في إقليم البقاع في ذلك الحين كان الحاج أبو سليم المسؤول التنظيمي للمنطقة وكان العبد الفقير المسؤول الثقافي فيها، في 1981 كان الحاج أبو سليم المسؤول التنظيمي لإقليم البقاع في حركة أمل وكان العبد الفقير المسؤول السياسي في الإقليم، في هذه المرحلة نشأت علاقة وطيدة – سأعود لاحقاً لحزب الله – وقوية بينه وبين الشهيد السيد عباس الموسوي رضوان الله تعالى عليه .
من علاقته الروحية مع الإمام موسى الصدر والعاطفية والثقافية مع الشهيد السيد عباس الموسوي نشأت علاقة فكرية وروحية مع الإمام السيد محمد باقر الصدر عن بعد، كما هو حال أغلب الشباب المؤمن في لبنان، وصار عاشقا للإمام السيد محمد باقر الصدر، عندما استشهد الإمام الشهيد تأثر الحاج أبو سليم كثيرا بشهادته وبكاه كثيرا، وأنا وإخواني، الآن شباب بعلبك يتذكرون أنه بقي لسنوات في جلسات داخلية في بعض المناسبات وبصوته الجميل، كان يُردد تلك القصيدة الخالدة والمعروفة والتي انتشرت بقوة في ذلك الحين: “باقر الصدر منا سلاما أي باغ سقاك الحماما أنت أيقظتنا كيف تغفو أنت أقسمت أن لن تناما” إلى آخر القصيدة، تفاعل الحاج أبو سليم بقوة مع انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني وسمع كلام الشهيد الصدر: “ذوبوا في الإمام الخميني كما ذاب هو في الإسلام”، هذا المسير للحاج أبو سليم ولكل أخ منا وأخت منا كما قلت في أكثر من مناسبة، مع الإمام موسى الصدر مع الشهيد السيد عباس الموسوي مع الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر، هذا الطريق يُوصل حكما إلى الإمام الخميني إلى قيادة الإمام الخميني التاريخية الإلهية، بعد عام 82 التحق الحاج أبو سليم بحزب لله بمسيرة حزب الله، والتحق فيها فردا فردا لا مسؤول ولا أي شيء، والتحق فيها مجاهدا مقاوما، ككثيرين ممن إلتحقوا بحزب الله ولم ينظروا إلى مواقعهم التنظيمية خلفهم التي كانوا فيها بأحزابهم وأطرهم وكياناتهم السابقة، والذين ذابوا في هذه المسيرة الجديدة وأخلصوا لها وقدموا بقية عمرهم فيها، فقضوا بعضهم شهداء وقضى بعضهم نحبه وما زالت البقية تنتظر تحمل دمائها على الأكف وتسلم لربها وهو الذي يختار العاقبة، زمان الموت ومكان الموت وطريقة الرحيل، أيضا في حزب الله كان قدرنا أن نكون سويا وأن نعمل سويا في بدايات تشكيلات حزب لله في منطقة البقاع إلى تشكيل أول شورى في منطقة البقاع، سميت في ذلك قيادة منطقة البقاع، وبالمناسبة بكل الحزب تغيرت العناوين للتسميات والمصطلحات إلا الإخوان في البقاع ما زالوا يكتبون قيادة منطقة البقاع، فكان العبد الفقير مسؤول المنطقة أول مسؤول منطقة وكان الحاج أبو سليم نائب المسؤول، وعملنا سويا في تلك المرحلة التأسيسية، ليتولى مسؤولية المنطقة بعد ذلك مباشرة، ثم لينتخب في مرحلة لاحقة عضواً في شورى القرار، وفي ذلك الحين وبعد انتخاب الشهيد السيد عباس الموسوي أمينا عاما، كان هذه العبد الفقير رئيسا للمجلس التنفيذي وكان الحاج أبو سليم أيضا نائبا لرئيس المجلس التنفيذي، يعني قدرنا كان أن نكون سويا، أن نبقى معا كتفا إلى كتف، بعد شهادة السيد عباس الموسوي رضوان الله عليه حيث أُوكلت إليّ المهمة الجديدة، كان الحاج أبو سليم رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، بعد سنوات يعود إلى البقاع لأن أبو سليم وهذه ظاهرة موجودة بكل الإخوان أو أغلب الإخوان من المسؤولين والقادة من البقاع، مهما جاءوا إلى بيروت تبقى قلوبهم وأرواحهم معلقة هناك في البقاع، بعد سنوات يعود إلى مسؤولية البقاع مسؤولاً للمنطقة حينها ونائبا في البرلمان في مجلس النواب حينا آخر، هذه المسؤولية تولاها عدة مرات، ثلاث مرات أو أكثر، وكان أطولها المرة الأخيرة، لكن دائما كان أبو سليم الفقيد القائد معاونا ومعينا وسندا ومساعدا وحاضرا لأداء التكليف دون تردد في أي موقع من المواقع، على طول هذه المسيرة وعلى طول هذه المعرفة عرفناه الأخ الكبير والصديق والرفيق والصادق والوفي والمخلص والمجاهد والمثابر والمضحي والخطيب المفوه والكادح الذي يحمل الهم والمسؤولية، حامل دمه على كفه على كل الطرقات،عاشقا للشهادة، المتواضع القريب من الناس، الخدوم المُحب لأئمته وقادته والمجاهدين والمقاومين والشهداء، تعلقه بالإمام الخميني وعشقه له كان منقطع النظير وهكذا مع الإمام الخامنئي. أما العشق الأكبر والأعظم للحاج لأبو سليم فهو للإمام صاحب الزمان عليه السلام الإمام المهدي عليه السلام، وانتظاره لهذا الإمام العظيم في الليل وفي النهار حالة مشهودة في حياة الحاج أبو سليم، أجمل الحديث عنده عن الإمام المهدي وعن فرجه وظهوره وعلاماته وأيامه الآتية، كل هذا الحب والعشق والوعي والبصيرة لدى الحاج أبو سليم أنتج لديه هذا الثبات وهذا رسوخ في الخط والمسيرة. ولذلك عندما تولى مسؤولية البقاع في أصعب المراحل في مرحلة الفتنة في العام 1997 وتعرفون ما أقصد في مرحلة الفتنة. في97 كان أبو سليم مسؤولنا الذي يقف بشموخ ليحافظ على وحدة حزب الله في منطقة البقاع، على جمهوره على تماسكه على قوته على معنوياته على صلابته في تلك الأيام الصعبة، ولا داعي للعودة إليها، في حرب تموز كان مسؤولنا في منطقة البقاع، وما عاناه البقاع وما قدمه من شهداء وتحمله من مجازر، في مدنييه وأهله ونسائه ورجاله وأطفاله وما دمرت فيه من بيوت وشُيّع فيه من شهداء،وفي مواجهة التكفيريين في سوريا وعند الجرود وفي سلسلة الشرقية في المرحلة الصعبة. كان حضوره في البقاع كبيرا وأغلب شبابه وعمره المبارك قضاه في خدمة البقاع أهلاً وناساً ومسيرةً ومقاومة، وهم يستحقون كل ذلك الوفاء من أبو سليم ومنا جميعا، لأن أهلنا في البقاع كانوا دائما أهل الوفاء بالوعد والقسم في كل المراحل، مع الإمام السيد موسى الصدر أعاده الله بخير، مع الشهيد السيد عباس الموسوي رضوان الله عليه، مع كل الشهداء ومع حزب الله بالتحديد منذ 1982 إلى اليوم، لم يبخلوا لا بنفسٍ ولا بدمٍ ولا بمالٍ ولا بأي نوعٍ من التضحيات، واليوم نجد البلدات البقاعية والعائلات والعشائر في البقاع في كل يوم، كما في البلدات الجنوبية، كما في أحياء الضاحية، تُشيّع الشهداء بالحضور القوي والإحتضان الكبير والإصرار على مواصلة هذا الطريق، طريق التحرير والعزة الكرامة والحرية مهما بلغت التضحيات، هذه بعض شهادةٍ متواضعة بالقائد الكبير والأخ العزيز والحبيب الحاج أبو سليم رضوان الله عليه، لِروحه الرحمة وعلو الدرجات، ولِعائلته أسأل الله تعالى أن يُلهمهم الصبر والسلوان والتسليم، وهم أهل لذلك وأظهروا ذلك وهم كذلك دائماً إن شاء الله.
انتقل من هذا الواقع من هذه الشخصية وما عاشته في هذه المسيرة الى واقع المسيرة اليوم إلى إحدى جبهاتها الأساسية والمفتوحة منذ أكثر من تسعين يوماً، أنتقل إلى المقطع التاني الجبهة اللبنانية مع العدو جبهتنا في الجنوب في شمال فلسطين المحتلة. انا متلما تُلاحظون كتبت لكي أستطيع أن أتناول المضمون كله بالوقت المتاح. منذ 8 تشرين اول دخلنا في القتال مع العدو في جبهة الجنوب، شرحنا في السابق الحيثيات والدوافع ويمكن ان نرجع لها بعد قليل، على امتداد أكثر من 100 كيلو متر من البحر في قبال الناقورة الى اعالي مزارع شبعا وتلال كفر شوبا وحتى اليوم ما يزيد عن تسعين يوماً. سنتكلم قليلاً عن هذه الجبهة ماذا حصل فيها؟ لأنها طبعاً هي جبهة مظلومة، مظلومة اعلامياً. خلال هذه المرحلة تم استهداف كل المواقع الحدودية وعدد كبير من المواقع الخلفية وعدد كبير من المستعمرات الاسرائيلية رداً على استهداف المدنيين أو استهدافاً لعسكريين لجأوا الى المستعمرات، في إحصاء بسيط نفذت المقاومة الاسلامية ما يقارب او ما يزيد على 670 عملية خلال ثلاثة أشهر، 670 عملية، في بعض الأيام بلغ عدد العمليات 23، عملية المعدل الوسطي من 6 الى 7 عمليات عسكرية يومياً. المواقع الحدودية التي تم استهدافها 48 موقع حدودي، يعني لم يبقى موقع حدودي من الناقورة إلى آخر مزارع شبعا إلا وتم استهدافه لعدة مرات، هذا عدد المواقع أما عدد الاستهدافات للمواقع 494 استهداف، مواقع خلفية 11 موقع يعني التي تأتي في الصف الثاني بعض المواقع الامامية. النقاط الحدودية التي لجأ اليها الجنود الاسرائيليون 50 نقطة حدودية استهدفت أكثر من مرة، اضافة الى المواجهات التي خاضها سلاح الدفاع الجوي مع سلاح العدو، المستوطنات 17 مستوطنة، ما الذي كان يحدث ولا زال يحدث؟ بالمرحلة الاولى تم استهداف المواقع الحدودية كلها لأن جيش العدو متواجد في المواقع وكان بالأيام الاولى متواجد في المواقع، سقط طبعاً عدد كبير من القتلى والجرحى هذا موضوع سأرجع له بعد قليل. وتم استهداف المواقع ليس فقط بالصواريخ الموجهة، الصواريخ الموجهة تضرب اهدافاً نقطوية يعني آلية، دبابة، مرصد، دشمة من نافذتها، واخواننا بحمد الله رماة ماهرون يُدخلون الصاروخ الموجه من نافذة الدشمة وشاهدتم ذلك في الأفلام الوثائقية يعني في ما نشر من افلام. هذه كانت المرحلة الاولى التي استهدف فيها المواقع بشكل كثيف، وايضا تم استهداف التجهيزات الفنية الاستخبارية في كل المواقع وايضاً شاهدتم هذا على التلفزيون. الآن بعض الناس يقول لك أنت تضرب العامود، هؤلاء يعني اما لا يعرفون او جهله، يعني أن لا يعرفون هو اخف قليلاً يعني، نحن لا نقوم بضرب العامود بل نحن نقوم بضرب التجهيزات التي على العامود، هذه التجهيزات التي تم ضربها وما زالت تضرب ويحاولون استحداثها من جديد تقدر قيمتها بمئات ملايين الدولارات وهي على درجة عالية من التقنية والتكنولوجيا، وهذه ليست فقط للسيطرة المعلوماتية في المنطقة الحدودية وإنما لها سيطرة معلوماتية على جزء كبير من لبنان. هذه تم استهدافها وتدميرها بالكامل، حتى محاولات الترميم اذا رأيتم أنهم لم يقدروا يطلعوا عالموقع والعامود الذي سخر منه البعض، لم يكونوا يتجرأون لأن الشباب كانوا يرمونهم، فصاروا يأتون بالرافعات ويضع على الرافعة الجهاز الاستخباري والإخوة كانوا يضربون تلك الأجهزة ويصيبونها بدقة. في المرحلة الثانية هرب الجنود الاسرائيليون من المواقع الى أين؟ هربوا الى مكانين: الى المستعمرات التي خلت من سكانها والى محيط المواقع، بقوا قريبين من المواقع لماذا؟ لأنه ما زال فرضية ان تقوم المقاومة حزب الله او فصائل مقاومة لبنانية او فصائل مقاومة فلسطينية بالهجوم على المواقع او احتلال المواقع أو بعض المواقع، وهذا الأمر وارد وما زال وارداً، ولذلك هم لا يستطيعون إخلاء المواقع بالكامل يجب أن تبقى فيه بعض مجموعات الحراسة وتبقى القوات قريبة من المواقع في تموضعات جديدة في الفلوات. نحن نحصل على معلومات جيدة حول تموضع هذه القوات، وعندما تسمعون في الاعلام ان المقاومة ضربت تموضع لجنود العدو في محيط الموقع الفلاني او الموقع الفلاني، هذا بناءً على معلومات دقيقة واحياناً بناءً على صور وعلى أفلام، ويقوم الأخوة باستهداف هذه التجمعات في محيط المواقع، هذه الاستهدافات أعطت نتيجة أعظم لماذا؟ لأنه بالمواقع يمكن أن يختبئ بالدشم. أما في المحيط في الفلوات بين الشجر هو مكشوف لنيراننا، وايضاً كثير من الافلام نُشرت حول استهدافات لجنود العدو في محيط المواقع. تم تدمير عدد كبير من الدبابات والآليات، ولذلك الآن على طول الحدود في كل المواقع الحدودية وفي العمق ايضاً في مدى رؤية المقاومين، كل الدبابات والآليات الإسرائيلية مختفية ومختبئة، الضباط والجنود يختبئون، يجب أن تُفتش عنهم لتحصل على المعلومات بطريقة معينة لتستهدفهم. تم تدمير جزء كبير من أغلب هذه المواقع وايضاً عندما ضرب الشباب كل هذه التجهيزات الفنية هذا بالتأكيد عطل الاحاطة المعلوماتية والاستطلاع الذي حاولوا أن يستعيضوا عنه بالمسيرات الكثيفة وبالأقمار الصناعية الأمريكية. ايضاً من نتائج هذه المواجهة القائمة منذ ثلاثة أشهر قتل وجرح عدد كبير من جنوده وضباطه، العمليات كانت مستنزفة جداً له، ولذلك اضطر أن يغادر المواقع الى تلك الأماكن التي تحدثت عنها. منذ بداية المعركة في جبهتنا الجنوبية يُلاحظ بأن العدو مارس تكتم إعلامي شديد، لا يعترف بقتلاه ولا يعترف بجرحاه، طيب المقاومة قدمت ما يقارب 90 اصدار مصور، افلام من الجبهة، دبابات تدمر، تتفجر الدبابة واحياناً يوجد جنود يجلسون عليها، آليات تدمر، خيمة فيها جنود ينزل الصاروخ في وسطها، بيت فيه جنود يسقط السقف على الجنود ولا يغاثون الا بعد مدة طويلة من الزمن او بيت او خيمة تقصف وامام اعيننا في الفيلم يوجد قتلى ويوجد جوحى ويوجد اسعافات، ولكن العدو لا يعترف لا بقتيلٍ ولا بجريح. طبعاً هذا جزء من سياسة العدو، هذا التكتم على الجبهة الجنوبية أيضا هو جزء من التكتم العام، الآن في الاونة الأخيرة بدأ يتحدث عن عدد قتلى او عن عدد جرحى ولكن ليست هذه هي الأعداد الحقيقية.
في كيان العدو كثير من الخبراء يقولون ان الاعداد الحقيقية هي ثلاثة أضعاف ما أعلنه جيش العدو حتى الآن من القتلى والجرحى، يوجد تناقض فاضح، مثلاً حتى الآن جيش العدو يتحدث بالإجمال يقول من بداية 7 تشرين من طوفان الاقصى الى اليوم مثلا عنده ما يقارب 2000 جريح ويصنفهم لك منهم العدد الخطير ومنهم العدد المتوسط ومنهم العدد الخفيف، واذا في اليوم التالي تطلع منظمة رسمية معنية بالمعاقين لتقول انه من بداية طوفان الاقصى تم تحويل 3000 جندي أصيبوا بإصابات معيقة الى هذه المنظمة. طيب اذا 3000 جندي اصيبوا اصابات مُعيقة يعني كم هو عدد الجرحى الإجمالي؟ اليوم بعض مصادر العدو تنقل عن مصادر في وزارة الحرب الاسرائيلية ان عدد الجنود الذين اصيبوا بإعاقات او يُصابون بإعاقات قد يصلون الى 12000 جندي من بداية 7 تشرين هؤلاء اين؟ هؤلاء بجبهة غزة او بجبهة الشمال او بالضفة، هو الآن يتكلم شيئاً فشيئاً ولكن في جبهتنا بالتأكيد هو كان يتكتم.
الإخوان حاولوا من خلال الإنترنت والوسائل المتاحة، من خلال تقارير وتحديث في وزارة الصحة للعدو وفقط من 8 مستشفيات في الشمال 8 وليس من كل المستشفيات الاحصاء حتى الآن ما يزيد عن 2000 اصابة في جبهة الشمال، 2000 جريح دخلوا الى هذه المستشفيات الثمانية، ويقول اصحاب هذه المستشفيات ان عدداً كبيراً من هؤلاء الجرحى ميؤوس منهم أو اوضاعهم خطيرة او اوضاعهم متوسطة، ولنا أن نقدر ما هو عدد القتلى في هذه الجبهة. طبعاً نحن نفهم ان تكتم العدو على خسائره في الجبهة في جبهتنا قد يكون له عدة أسباب، منها جزء من الحرب النفسية، لأن العدو عندما يعترف بعدد القتلى وعدد الجرحى، هذا سوف يعطي معنويات للمقاومين وجمهور المقاومة ولجبهتنا التي تقدم اعداداً كبيرة من الشهداء. عندما يتكتم على قتلاه وعلى جرحاه وعلى خسائره البشرية انما يريد ان يمس بمعنويات وإرادة وعزم هذه الجبهة ويفتح الباب للنقاش عند البعض حول جدوى القتال في هذه الجبهة، لو كنتم تعرفون حجم الخسائر البشرية في العدو في قتلاه وجرحاه و دباباته وآلياته لما تساءلتم لما سمحتم لأنفسكم اصلاً أن تسألوا عن جدوى القتال في هذه الجبهة. وأيضاً من الاسباب حتى لا يُحرج امام مجتمع الكيان الاسرائيلي، لأن ما يجري عند الحدود الجنوبية وصفه أحد وزراء الحرب السابقين في اسرائيل انه اذلال حقيقي لإسرائيل وللجيش الاسرائيلي، وهو بالفعل هذا اذلال الذي يحصل في الجبهة، سأتحدث عن بعض العناوين بعد قليل، وحتى لا يلزم نفسه او يحرج نفسه بالذهاب الى حرب يعرف أنها ستكون مكلفة جداً وخطيرة جداً وقد تؤدي الى انفجار المنطقة كلها هو مضطر أن يتكتم على خسائره البشرية والمادية ليتخفف من عبء مسؤولية أومطالبة من هذا النوع.
ايضاً من نتائج الجبهة الجنوبية المُهجرون من المستعمرات الاسرائيلية، نحن وخلال كل المرحلة الماضية لم نستهدف المدنيين وان كان نضع خطين تحت المدنيين لأن الكيان كله محتل، هؤلاء محتلون، كُنا نستهدف اهدافا عسكرية وحتى داخل المستعمرات كنا نستهدف الاليات العسكرية والضباط والجنود الذين اختبأوا في البيوت، وإذا ضربنا بيوت فإنما كانت رداً على استهداف المدنيين عندنا. لكن بنتيجة المواجهة والرعب الذي انتشر لدى أهل المستعمرات هجرها كثيرون، حتى العدو كان يُخفف من العدد لنفس الأسباب التي ذكرتها قبل قليل، يتكلم عن 30000 الى 40000 وفجأة بدأوا يتكلمون عن 60000 الى 70000، من كم يوم نتنياهو بالمؤتمر الصحفي تكلم عن 100000 ، بعدها صحف امريكية نقلت عن مسؤولين اسرائيليين 230000 هجروا المستعمرات في شمال فلسطين المحتلة. أحد مسؤولي مجالس المستعمرات تحدث عن 300000 مُهجر من مستعمرات فلسطين المحتلة، يوجد تهجير، يوجد تعطيل للاقتصاد، للسياحة، للصناعة، للزراعة، الشمال منطقة زراعية مهمة جداً، هذه كلها تشكل ضغط على حكومة العدو، هؤلاء المهجرون من المستعمرات ليس لمدة جمعة وجمعتين، هؤلاء كانوا متعودين أن لا يُهجروا خلال كل الحروب التي خاضتها اسرائيل، بل كنا نحن الذين نُهجر، اهل الجنوب والبقاع الغربي هم الذين كانوا يُهجرون، السكان بالمستعمرات لم يكونوا يُهجرون، فقط في حرب تموز تهجروا. اما بكل الحروب السابقة لم يُهجروا، هذا التهجير هذا التشريد سوف يشكل ضغطاً نفسياً ومعنوياً واقتصادياً وسياسياً وامنياً على حكومة العدو، اضافة الى حالة القلق السائدة في الشمال.
هنا ادخل للإجابة على سؤال طالما أننا نتحدث عن الجبهة الشمالية، اليوم خطابي خطاب شرح، الذين سألوا عن الجدوى والفائدة: لماذا فتحتم هذه الجبهة؟ لماذا تقاتلون في هذه الجبهة؟ لماذا تقدمون كل هؤلاء الشهداء؟ لماذا على أهلنا في القرى الأمامية ان يتحملوا هذا النزوح وهذا الدمار؟ هذا سؤال لا يوجد مانع ان يُسأل ونحن معنيون ايضاً ان نُجيب عن هذا السؤال، ونحن قيمتنا في مسيرتنا من 82 الى اليوم الحجة، المنطق، الاقناع، الدليل، البرهان، الوقائع. نحن لا نأخذ الناس بالشعارات والحماس والانفعال والانفصال عن الواقع أبداً. منذ اول يوم ماذا قلنا؟ قلنا إن هدف هذه الجبهة كما هو هدف بقية الجبهات التي فتحت في العراق او في اليمن. هدف هذه الجبهة أمران: الأمر الأول، الضغط على حكومة العدو واستنزاف العدو جيشاً ومجتمعاً وإيلامه من أجل وقف العدوان على غزة، كلنا نريد ان نضغط من لبنان من سوريا من العراق من اليمن، من أي مكان نضغط على هذا العدو لأن الهدف الحقيقي لكل هذه الجبهات هو وقف العدوان على غزة. والهدف الثاني، هو تخفيف الضغط عن قطاع غزة في الوضع الميداني القتالي لأنه هو ماذا قال؟ قال، القضاء على المقاومة في غزة، القضاء على حماس في غزة يعني يريد أن يذهب لِيقاتل، وعندما أنت تمارس من الجبهات الاخرى ضغطاً على جيش العدو وعلى حكومة العدو هذا حكماً سيخفف العبء والضغط عن المقاومة في غزة. هذان الهدفان هل يتحققان فعلاً؟ من خلال الجبهة اللبنانية؟ نعم انظروا في الجبهة اللبنانية وهذا قلناه سابقاً ونُعيد، عندما اضطر العدو نتيجة خشيته من تطورات الجبهة، من الذهاب إلى حرب شاملة، من اقتحام مقاومي وقوات المقاومة لمنطقة الجليل، اضطر أن يأتي ب 100000 جندي، وتوجد معلومات الآن تتحدث عن 120000 جندي وضابط، فرق بأكملها ألوية باكملها موجودة عالحدود، هذه انت عن من منعتهم؟ عن من حجبتهم؟ انت حجبتهم عن قطاع غزة، اضطر أن يأتي بدباباته وآلياته، نصف سلاح الجو، نصف سلاح البحر، نصف الدفاع الصاروخي، ما هو الدليل على أن هذا كان مفيداً؟ نأتي للمتحدث العسكري الإسرائيلي كلام رسمي ماذا يقول؟ عندما كان يوضح لماذا قُتل بعض الأسرى الاسرائيليين في غزة بنار الجنود الاسرائيليين ماذا قال؟ قال: السبب أن قواتنا تُقاتل هناك، ألويتنا تقاتل هناك منذ شهرين وهي في حالة شديدة من الإرهاق والتعب، أليس هذا بدليل؟! لو أنه ليس لديه 120000جندي على الحدود الجنوبية، لكان قادراً أن يُبدل كل جمعتين ثلاثة هذه الألوية ويبدل هذه الفرق وجنوده وضباطه لا يتعبون ولايُصابون بالإرهاق والتعب الشديد ويرتكبون هذه الاخطاء، وأخطاء جسيمة يرتكبها جيش يعتبر نفسه محترفاً، يقتل الأسرى الإسرائيليين وعدد كثير من القتلى هم بالنيران الصديقة كما يقولون، يعني أنهم يُخطئون بحق بعضهم ويُطلقون النار على بعضهم ويقتلون بعضهم نتيجة الخوف والتعب والارهاق، هذا شاهد، هذا دليل، عندما اضطروا في الآونة الأخيرة أن يسحبوا بعض الفرق في أيام الأعياد جاءوا بفرقة من الضفة الغربية وليس من الجبهة الجنوبية ليس من شمال فلسطين، واحتج البعض عليهم ان جنود هذه الفرقة التي تأخذونها إلى غزة هؤلاء تدريبهم متواضع وبسيط كيف تزجون بهم في القتال في غزة.
هذا من جهة نفس ما يجري في الجبهة بمعزل عن غزة، هذا العدد الكبير من القتلى والجرحى في جنود وضباط العدو، في تدمير آلياته في تدمير مواقعه في مُهجريه، ألا يشكل ضغطا على حكومة العدو؟ هو يشكل ضغط كبير على حكومة العدو، موضوع المهجرين اليوم دعوني أعيد التذكر بأمر، مثلما قلت قبل قليل منذ العام 1948 لبعض اللبنانيين بعض السياسيين، وهم إسمحوا لي أن أقول إما جهلة أو يتجاهلون، إما جهلة عن جد لا يعرفون شيئ ولم يقرأوا تاريخ لبنان ليس تاريخ المنطقة وليس تاريخ العالم لا تاريخ لبنان، هذا لبنان هم لم يقرأو التاريخ، من ال48 إسرائيل هي التي تهاجم جنوب لبنان وتقتحم القرى وتضرب البيوت، وتعتدي على الجيش اللبناني، وعلى قوى الأمن الداخلي، وتختطف منهم وتختطف من الناس وترتكب المجازر ومنذ ال48 هم أنشأوا أول حزام أمني داخل الأراضي اللبنانية ولاحقا أنشأوا أحزمة أمنية أخرى، هذا تاريخ معروف، يوجد واحد يقول لك من ال48 حتى ال67 وال70 لا توجد مشكلة مع إسرائيل، إقرأوا التاريخ إقرأوا التاريخ، هؤلاء يبدو حتى بالمدرسة لم يدرسوا، دائما كان أهل الجنوب هم الذين يُهجرون اليوم المحتل الاسرائيلي هو الذي يُهجر هذا له قيمة معنوية وسياسية وعسكرية عالية تحققها الجبهة اليوم، دائما كان الحزام الأمني عندنا، الشريط الحدودي عندنا 3 كيلو 5 كيلو 7 كيلو، وكانوا يفكرون بالحزام الأمني لكل جنوب الليطاني، ليس أنا أقول ذلك بل الإسرائيليون يقولون ان الكيان لأول مرة يبني حزاما أمنيا داخل أراضي فلسطين المحتلة في الشمال بعمق 3 إلى 5 كيلومتر وفي بعض المناطق إلى عمق 7 كيلومتر، المحتلون هُجروا، الجنود في حالة استنفار وفي حالة اختباء، ممنوع التردد، كل شيئ معطل، هذا يُشكل ضغط على حكومة العدو، أنا اليوم أقول لهؤلاء المستعمرين والمستوطنين الذين يصرخون في كل يوم وحقهم أن يصرخوا وحقهم أن يخافوا ويُطالبون حكومتهم بالحرب على لبنان أو بالحسم العسكري مع لبنان، أقول لهم: هذا خيار خاطئ لكم ولحكومتكم، وأول من سيدفع ثمن هذا الخيار الخاطئ هو أنتم في مستعمرات ومستوطنات شمال فلسطين المحتلة، إذا كنتم حقيقةً تبحثون عن الحل، الحل أن يتوجه مستوطنو الشمال ومهجرو المستوطنين من الشمال شمال فلسطين إلى حكومتهم لمطالبتها بوقف العدوان على غزة، لمطالبتها بوقف العدوان على غزة.
أما أي خيار آخر لن يجلب للمستوطنين في شمال فلسطين المحتلة إلا المزيد من التهجير والمزيد من الدمار والمزيد من الأثمان الباهظة، هذا هو الحال في جبهتنا.
اختم هذا الجانب بموقف لنتنياهو منذ عدة أيام بمؤتمر صحافي، صحافية تسأله: هل حزب الله مردوع أم غير مردوع؟ أنظروا إلى الجواب السخيف”، فيقول لها: هل سمعت بالخيمة؟ تذكرون الخيمة في مزارع شبعا؟ أين هي الخيمة الآن؟ هذا جواب نتنياهو: أين هي الخيمة الآن؟
هذا ينم عن غباء عن جهل عن سخافة، يتحدث عن الخيمة، تكلم عن 42 موقع حدودي يُدمر، تكلم عن 11 موقع خلفي يُدمر، تكلم عن 17 مستوطنة هُوجمت، تكلم عن 50 نقطة حدودية وتجمعات للعدو، تكلم عن جيشك وضباطك وجنودك المختبئين كالفئران في المنطقة الحدودية، تتكلم عن الخيمة.
هل المقاومة التي تقوم بهذا الحجم من العمليات في كل يوم والتي تضرب هذا المستوى من الصواريخ هي مقاومة مردوعة؟ الخيمة صارت شيئ من الماضي، اليوم هناك معركة هناك حرب حقيقية وإن كان ضمن سقف معين تجري عند الحدود مع فلسطين المحتلة.
من النتائج المهمة أيها الإخوة والأخوات لهذه المعركة التي تجري الآن في الجنوب هي تثبيت موازين الردع، أنا ذكرت في السابق هذا الأمر قبل يومين وأُعيد، في السابق ما يجري على حدودنا الجنوبية لا سابقة له منذ العام 1948، لم تبادر المقاومة منذ أن كان يوجد مقاومة في لبنان أو لبنان أو جيش لبناني أو قوى مسلحة في لبنان كما جرى خلال الثلاثة أشهر هذه، وفي الماضي كان عملية واحدة من هذه ال670 عملية، عملية واحدة كانت تجري كان العدو الاسرائيلي يأتي ويقصف في داخل بيروت ويُدمر أبنية باكملها تذكرون ذلك في السبعينات.
670 عملية واغلبها من العيار الثقيل وهو مضطر أن يبقى ضمن قواعد القتال وقواعد الاشتباك، هذا يثبت بعد 90 يوما من القتال وهذا العدد الكبير من الخسائر البشرية، يثبت معادلات الردع التي أسست لها المقاومة منذ سنوات طويلة وهذا يفتح لبنان أمام فرصة جديدة، ما هي الفرصة الجديدة؟
فرصة أن يتمكن ان شاء الله بعد طي هذه المرحلة ووقف العدوان على غزة، ان يتمكن لبنان من تحرير بقية أرضه بدءا من نقطة الb 1 في الناقورة إلى الغجر إلى مزارع شبعا وتلال كفر شوبا، نحن أمام فرصة تاريخية الآن للتحرير الكامل لكل شبرٍ من أرضنا اللبنانية، وأمام فرصة حقيقية لتثبيت معادلة تمنع فيها العدو الاسرائيلي من اختراق اجوائنا وبحرنا وسيادة بلدنا، هذه الفرصة من الذي فتحها؟ فتحتها هذه الجبهة من جديد وهذه من بركات التضامن مع غزة والوقوف إلى جانب هؤلاء المظلومين في غزة، لكن طبعا أي كلام على هذا الصعيد أي تفاوض، أي حوار لن يكون ولن يوصل إلى نتيجة إلا بعد وقف العدوان على غزة، هذا موقفنا المُعلن من اليوم الأول والذين لم يتبدل ولن يتغير على الإطلاق.
طبعا هنا أيضا يجب أن أُذكر بأولئك الذين سطروا الكثير من المقالات وعقدوا ندوات واجروا حوارات يوم ترسيم الحدود البحرية وقالوا ان حزب الله خلص انتهت المقاومة ولن يقاتل إسرائيل وحزب الله يطبع مع إسرائيل وحزب الله انتهت معركته مع إسرائيل، أذكرهم التسعون يوما والشهداء والجرحى والمقاتلون يقولون لهؤلاء: أين هي ادعاءاتكم الظالمة التي بقيتم على أشهر تلحقوننا بها؟
النقطة الأخيرة في الجبهة اللبنانية وأنتقل إلى المقطع الثالث
النقطة الأخيرة حول الذي صار عندنا في الضاحية، أشرت له في الخطاب قبل يومين ولكن يجب أن أؤكد من جديد.
أُنظروا مثلا نحن سقط لنا شهداء في سوريا بالقصف الاسرائيلي في أكثر من مكان خلال الأشهر الثلاثة، وبالمناسبة اغلب شهداءنا الذين استشهدوا في سوريا هم من اخواننا في البقاع، وبعض شهداءنا في سوريا استشهدوا في مواجهة داعش وقلنا سنتحدث عن داعش كلمتين بعد قليل، لكن دائما نحن كان لدينا معادلة قبل طوفان الأقصى إذا قتلوا أحد من اخواننا في سوريا نرد في جبهة لبنان التي كانت هادئة، هذه المعادلة عمليا تغيرت ظروفها لماذا؟ لأن كل الجبهة مشتعلة، يعني أنت ترد وتضرب موقع أو جندي، أنت في كل يوم تضرب عدد كبير من المواقع والجنود، لكن عندما يكون الاستهداف في لبنان في الضاحية الجنوبية نحن لا نستطيع ان نُسلِّم بهذه المعادلة هذا خرق كبير وخطير، قتل الشيخ صالح القائد الكبير والأخ العزيز وحقيقة بالنسبة لي كان صديقا كبيرا وأخا وحبيبا وعزيزا وكنا على درجة عالية من القرب والحب والود والتفاهم والتفهم وإخوانه أيضا من الشهداء من الإخوة في حماس وفي الضاحية الجنوبية، لأنه هناك كثر من يتساءلون، أقول لكم: قطعا هذا لن يكون بلا رد ولن يكون بلا عقاب، ونحن لن نستخدم عبارة في المكان المناسب وفي الوقت المناسب، القرار أيها الإخوة والأخوات الآن هو في يد الميدان، الميدان هو الذي سيرد، الميدان لا ينتظر الآن، وبالتالي هذا الرد آتٍ حتما، ولا نستطيع أن نسكت على خرقٍ بهذا المستوى وبهذا المستوى من الخطورة، لأنه هذا يعني ان كل لبنان سيصبح مكشوفاً، كل المدن والقرى والشخصيات سوف تصبح مكشوفة، حجم الخطر، حجم التهديد، حجم السلبيات، حجم المفاسد، التي تترتب على السكوت عن هذا الخرق هي أكبر بكثير من أي مخاطر قد نذهب إليها عندما نذهب إلى الرد على هذا العدوان، ولذلك الرد آتٍ لا محالة إن شاء الله، المسألة مسألة الميدان والتوفيق من الله سبحانه وتعالى.
أنتقل إلى المقطع ما قبل الخاتمة فيما يعني منطقتنا باختصار، طبعا ليس لدي شيئ باللبناني لأقوله لا بالرئاسة ولا بغير الرئاسة.
في موضوع العراق وما يجري في العراق وفي تلك الجبهة، طبعا المجاهدون في العراق المقاومة الاسلامية في العراق عدد من فصائل المقاومة الاسلامية في العراق دخلوا في قتال منذ الأيام الأولى في مواجهة القواعد الأمريكية في العراق وفي سوريا، وقاموا باستهداف هذه القواعد بالمسيرات والصواريخ والأسلحة المناسبة، واعترف الأمريكي بأكثر من مئة عملية حتى الآن واعترف بعشرات الاصابات في هذه المواقع.
طبعا العنوان والسبب الحقيقي كان هو الاسناد لغزة، لأنه قبل طوفان الأقصى في 7 تشرين لم تكن هنالك عمليات تستهدف القواعد الأمريكية في العراق، نعم كان هناك عمليات تستهدف القواعد الأمريكية في سوريا، زادوا من وتيرتها، العنوان الحقيقي والهدف الحقيقي كان مساندة أهل غزة من أي باب؟ من باب الضغط على الادارة الأمريكية، الادارة الأمريكية قلقة من توسيع الحرب في المنطقة، ليس حبا بشعوب المنطقة لأنه ليس لديها مصلحة، الادارة الأمريكية اليوم هي تواجه مأزقا كبيرا وخطيرا في أوكرانيا في حربها مع روسيا، المنطقة في أوكرانيا ويبدو أن أمريكا ومن معها وحلف الناتو هم أمام هزيمة استراتيجية تاريخية كبرى في أوكرانيا، بدأ يُحضِّر لها الأمين العام للنيتو عندما قال قبل أيام: انتظروا الأخبار السيئة من كييف، ولذلك أمريكا لا تريد توسعة الحرب في المنطقة، لأنها مشغولة في جبهة أخرى وفي أولويات أخرى، هنا يمكن الضغط على الأمريكيين من خلال ما تقوم به المقاومة في العراق، أيضا المقاومة في العراق أطلقت مسيرات باتجاه الكيان الصهيوني باتجاه إيلات، باتجاه البحر المتوسط، باتجاه اهداف في داخل الكيان، الآن البعض يقول لك وصلت أو لم تصل، مثلما هو حال صواريخ ومسيرات اليمن، المهم أن يشعر هذا العدو بأن هناك جبهات عدة فُتحت عليه وأنه تحت النار، أن تصل أم لا تصل ليست هي المهم، بل المهم أن تنطلق وفي نهاية المطاف ستصل وإن لم تصل ستترك آثارها العميقة والمهمة، كما تركت أثارها في إيلات، في مدينة إيلات اقتصاديا وسياحيا واجتماعيا، وهذا أمر معروف ومشهود.
الأمريكان تعرضوا لهؤلاء المقاومين في أكثر من مناسبة، قتلوا شهداء في منطقة جرف النصر أو الصخر، قتلوا مجاهدين في كركوك، قضى شهداء بعد ذلك بفعل قصف في عدة أماكن، وأمس في بغداد الشهيد القائد الحاج مشتاق وهو اسم على مسمى، يبدو أنه كان مشتاقاً جداً للقاء ربه ولقاء حبيبه وسيده أبي عبد الله الحسين عليه السلام، والحاج أبو تقوى هو من خيرة الإخوة الذين كانوا إلى جانب القائد الجهادي الكبير الحاج، أبو مهدي المهندس رضوان الله عليه.
الآن هذه فرصة كما قلت في لبنان نحن عندما ذهبنا وفتحنا الجبهة لم نفتحها بالبداية بنية تحرير الb 1 والغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا، لكن هذه من بركات التقرب إلى الله ونصرة المظلومين في غزة.
من بركات قيام المقاومة الاسلامية في العراق بفتح جبهتها نصرةً للمظلومين في غزة هناك بركة وطنية عراقية وطنية كبرى ستتحقق، وهي اليوم العراق أمام فرصة تاريخية للتخلص من قوات الاحتلال الأمريكي، ومن هذا الزيف ومن هذا الكذب ومن هذا التزوير ومن هذا التضليل الأمريكي، لأنهم هم ماذا يقولون؟ يقولون أنهم جاءوا لقتال داعش! هل هم جاءوا ليقاتلوا داعش؟! وعلى مدى أربع سنوات عندما تطالبهم الحكومة العراقية بالخروج من العراق يُهددونها بداعش ويهددون الشعب العراقي بداعش، وكل المسؤولين في العراق من رؤساء حكومات وقادة يعرفون وتصريحاتهم موجودة، كثير منهم تصريحاتهم موجودة، أن داعش صنيعة أمريكية، وترامب قال ان داعش صنيعة أمريكية، وهم يتذرعون بداعش للبقاء في العراق.
اليوم هناك فرصة تاريخية أمام الحكومة العراقية، أمام مجلس النواب العراقي، أمام القادة العراقيين، الأحزاب، فصائل المقاومة، الشعب العراقي، الفرصة التاريخية ليغادر هؤلاء المحتلون المجرمون القتلة الذين سفكوا دماء العراقيين ودماء الإيرانيين ودماء السوريين واللبنانيين وشعوب المنطقة، وهم الشركاء الكاملون في كل الجرائم التي تُرتكب اليوم في غزة وفي فلسطين وفي لبنان، هذه فرصة تاريخية.
الحكومة العراقية الحالية برئاسة السيد السوداني يُشهد لها أن كان لها موقف كبيرا وصلبا وشجاعا من طوفان الأقصى والعدوان الاسرائيلي على غزة، من خلال الموقف الرسمي، من خلال الخطاب الرسمي في القمم العربية والاجتماعات الرسمية المختلفة، وكان موقفاً عالي السقف ولعله من أعلى السقوف في العالم العربي على مستوى الأنظمة الرسمية باستثناء اليمن، لأن اليمن هو أيضا دولة، هو ليس فقط حركة مقاومة، وأيضا هذه الحكومة مفترض انها ان شاء الله مؤهلة لأن توظف هذه الدماء الزكية التي سُفكت على أرض العراق من قبل الأمريكيين، لتقول للأمريكيين: يجب ان تُغادروا، لا معنى لبقاءكم على الإطلاق، ويجب التدقيق في المغادرة، العراق لا يحتاج إلى الأمريكيين لقتال داعش، لديه القوات الأمنية، بصنوفها المختلفة كما يقولون في أدبياتهم، لديه الجيش، لديه الحشد الشعبي، لديه فصائل المقاومة، لديه شباب العراق الذين ما زالوا يُصغون لصدى فتوى المرجعية الذي سيتردد إلى الأبد، طالما ان داعش وأمثال داعش يُمكن أن تُشكل تهديدا للعراق ولشعب العراق، هم بغنى عن هذه القوات المُحتلّة، المُسيطرة، المُستعمرة، القاتلة، المُجرمة، وهذه من بركات طوفان الأقصى أيضًا، وهذه معركة حقيقية سيخوضها الإخوة العراقيون من كلّ مواقعهم السياسية والشعبية والجهادية لتحقيق هذا الهدف لتحرير العراق للمرة الثانية بعد أن كان تحريره من قوات الاحتلال في آخر العام الماضي، يعني في آخر شهر من سنة 2011، في الانتصار الواضح للمقاومة في العراق وخروج القوات الأمريكية التي عادت بحجّة داعش، وداعش هذه هي شمّاعة، هي ذريعة يُشغّلها الأمريكيون في العراق، الآن يُشغّلونها في إيران ثمّ يقول نحن ليس عندنا علمٌ بتفجيرات كرمان، صنيعتكم هي التي فجّرت في كرمان، يُشغّلونها في سوريا، لماذا إحياء داعش الآن في سوريا؟ ولماذا هذه العمليات؟ من الذي يرعى داعش في سوريا؟ من الذي يُطلق سراحهم من السجون؟ من الذي يفتح أمامهم الأبواب؟ من الذي يُقدّم لهم الدعم اللوجستي؟ فتّشوا عن القوات الأمريكية.
فرصة إخراج القوات الأمريكية المحتلة من العراق ستكون بركة عظيمة تتبعها بركة أخرى، انسحاب القوات الأمريكية من شرق الفرات، لا تستطيع بحسب الظاهر، بحسب المنطق العسكري، لا تستطيع القوات الأمريكية المحتلة في شرق الفرات أن تبقى إذا خرجت من كلّ العراق، هذه من بركات التضامن مع غزة ومع المظلومين، البركات الوطنية. في لبنان ذكرت لكم بركات وطنية لبنانية للتضامن مع غزة، فرصة ستُتاح أمامنا، هذه بركة وطنية للمقاومين العراقيين. وفي اليمن، أيضًا هذا التضامن اليمني العظيم مع غزة ومع أهل فلسطين، أيضًا له بركات وطنية على اليمن.
صحيح في لحظة من اللحظات ليس فقط في جبهتنا اللبنانية، الإسرائيلي والأمريكي وكثير من الإعلام العربي القاعد، كثير من الأنظمة العربية، كثير من القوى العربية، من النخب العربية القاعدة، المُتخاذلة، التي لم تفعل شيئًا لأهل غزة عملت منذ تسعين يومًا على تسخيف كلّ ما يقوم به محور المقاومة، لماذا يُسخّفونه؟ لأنّهم لا يفعلون شيئًا، حتى يُغطّوا تخاذلهم وذلّهم وسكوتهم وقعودهم بدل أن يذهبوا ويفعلوا شيئًا جاءوا للذي يفعل شيئًا وسخّفوا أعماله، سواء في الجبهة اللبنانية، في الجبهة العراقية وفي الجبهة اليمنية. تذكرون في الأسابيع الأولى عندما كان يُطلق الصواريخ والمُسيّرات من اليمن وتتدخّل أمريكا وأنظمة عربية والباتريوت الأمريكي في الكيان والدفاع الصاروخي الإسرائيلي للتصدّي للمُسيّرات وتركت آثارها على مدينة إيلات، كثيرون خرجوا في العالم العربي يُسخّفون، ماذا يفعل اليمن؟ ماذا يفعل السيد عبد الملك؟ ماذا يفعل أنصار الله؟ واتّهموهم بأنّهم يستغلّون قضية غزة والتضامن مع غزة من أجل أن يُعيدوا إنتاج صورتهم في العالم العربي والإسلامي، وهم أصلًا لم يسألوا في يوم من الأيام عن صورتهم عند العالم العربي، هم دائمًا من اليوم الأول كانوا يسألون عن صورتهم وموقعهم ومكانتهم عند الله سبحانه وتعالى، هكذا أنا أعرف السيد عبد الملك وأعرف أنصار الله وأعرف الشعب اليمني. حسنًا، عندما ذهب خطوة مُتقدّمة في البحر الأحمر سكتوا، اسمحوا لي أن أقول لكم بُهتوا، هذه الأنظمة الساكتة، هذه النخب المتخاذلة، هؤلاء القاعدون البائسون بُهتوا، لم يعد يجرؤ أحد على فتح فمه ويُسخّف ما يقوم به اليمن، واضطروا إمّا أن يسكتوا وإمّا أن يضربوا له التحية، لماذا؟ لأنّه في الحقيقة محور المقاومة، لبنان المقاومة نعم، هناك بعض اللبنانيين يقولون أنتم عرّضتم البلد كلّه للخطر صحيح، صحيح، المقاومة العراقية عرّضت العراق كلّه للخطر صحيح، القيادة اليمنية، السيد عبد الملك وأنصار الله والحكومة في صنعاء عرّضوا كلّ اليمن للخطر صحيح، ولكن عرّضوا للخطر هنا وهناك من أجل أن يدفعوا الأخطار الأعظم عن لبنان وعن العراق وعن سوريا وعن اليمن وعن المنطقة، لأنّ أخطار الهزيمة لو لحقت بغزة وبالمقاومة وبمشروع المقاومة ستكون كارثية على كلّ دول ومجتمعات وشعوب المنطقة، هؤلاء عرّضوا أنفسهم وبلدهم الخطر وتحمّلوا هذه المسؤولية وأعزّهم الله سبحانه وتعالى لأنّ الجهاد دائمًا يأتي بالعز يا إخوان، الجهاد يأتي بالعز، القعود عن الجهاد هو الذي يأتي بالذل، أمير المؤمنين عليه السلام أليس هو القائل “إنّ الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه”، لخاصة أوليائه، هناك أناس أصلًا ليسوا لائقين وليسوا جديرين وليسوا مُهيّئين لأن يكونوا في هذا الموقع الذي يُقاتل عدو الأمة والذي يقاتل دفاعًا عن المظلومين في غزة، ليسوا مُؤهّلين، لا تعتبوا عليهم، مُستواهن النفسي والروحي والثقافي والفكري أدنى بكثير، “فتحه الله لخاصة أوليائه، فهو درع الله الحصينة وجُنّته الوثيقة”، هذا الجهاد، “أمّا من يتخلّف عن الجهاد ألبسه الله ثوب الذل وديث بالصغار والقماءة”، شاهدوا العالم كلّه كيف ينظر إلى كثير من الأنظمة، إلى كثير من الجيوش، إلى كثير من الأساطيل؟ ينظر إليها بدناءة، باستعلاء، وكيف ينظر إلى المقاومين؟ إلى حركات المقاومة؟ ينظر إليهم باحترام، بتقدير، لأنّه يعرف قوّتهم وقدرتهم وتأثيرهم ويخشاهم ويحسب لهم كلّ حساب.
أيضًا اليمن عندما دخلت كان لها بركات وطنية، على اليمن، أتحدّث بالبركات الوطنية على اليمن، غير التي على غزة وفلسطين، من بركاتها الوطنية أنّها دفعت الكثير في الشعب اليمني وفئات الشعب اليمني، حتى الذين كانوا على عداء أو خصومة مع أنصار الله الشعب اليمني بالعموم هو شعب مُعادي لإسرائيل، للصهيونية، للمشروع الصهيوني، شعب مُقاوم، شعب ثائر، طوال التاريخ. هذا الموقف اليمني جعل الكثير من هذه الشرائح تُعيد النظر في موقفها الداخلي، في معركتها مع أنصار الله، اكتشفت وسقطت كلّ الأقنعة لحرب الثماني سنوات أو التسع سنوات التي فُرضت على اليمنيين والتي كانت حربًا أمريكية بامتياز تُنفّذها جيوش عربية، هذه من البركات الوطنية لدخول اليمن في موضوع غزة. ومن البركات الوطنية ثبّتت اليمن في المعادلة الإقليمية، لم تعد حكومة صنعاء وأنصار الله والجيش اليمني فئة داخلية في إطار حرب داخلية مهما كان الحقّ والحقيقة فيها، أصبحت جزءًا من المعادلة الدولية التي يقف أمامها العالم على رجلٍ ونصف، التي فضحت الإسرائيلي وفضحت الأمريكي، كلّ ما فعله الإخوة اليمنيون حتى الآن في البحر الأحمر، أين هي إسرائيل؟ أين سلاح الجو الإسرائيلي الذي كان يجتاح أجواء الدول العربية فيقصف هنا ويقصف هناك؟ أين هو من اليمن؟ أين هو من اليمن؟ هذا الردع اليمني. وأيضًا الفضيحة الأمريكية عندما جاء وزير الحرب الأمريكي، (وزير الدفاع) بين هلالين، وأعلن من هنا من منطقتنا تحالفًا عسكريًا بحريًا لمواجهة اليمنيين في البحر الأحمر، وشاهدوا الفضيحة، هذا وزير أمريكي، هذا ليس صحافيًا وليس وزير دولة عالم ثالث، هذا وزير الدولة العظمى متل ما يقولون، لاحقًا تبيّنت دول ممن سمّاها قال يا أخي نحن لسنا بهذا الحلف ولم يتحدّث أحد معنا ولم نسمع بهذه القصة وليس لنا علاقة، فانسحبوا، دولة واثنين وثلاثة، واضطر أن يأتي بأسماء مثل هذه “سنشن” منشن” لا أدري ما إسمها، بحثنا عنها على “غوغل” فتبيّن أنها جزيرة بآخر القرى الأرضية وعدد سُكّانها يمكن مئة ألف نسمة، لكن وضعها حتى يُكبّر التحالف.
اليوم عندما خرج الشعب اليمني بمظاهراته المليونية في مختلف المحافظات، هذا ليس فقط تضامنًا مع غزة وهم يتضامنون مع غزة من سبعة تشرن الأول لكن اليوم هذه الرسالة يجب أن يفهمها بايدن وبلينكن وهذا وزير الحرب “المشحّر” وكل الإدارة الأمريكية، هؤلاء الذين يُهدّدون اليمن ويُهدّدون الشعب اليمني بأنّهم، ويحاولون تركيب تحالف، وهناك دول تفهم مصلحتها جيدًا، هناك دول أوروبية رفضت دخول في هذا التحالف، هناك دول أوروبية قالوا نرسل لكم ضبّاط على القاعدة البحرية الأمريكية في البحرين لكن لا نرسل عسكر وبوارج وسفن.
رسالة اليمن اليوم هي رسالة للولايات المتحدة الأمريكية، أنتم لا تُواجهون حكومة ولا دولة ولا جيش ولا حركة مقاومة اسمها أنصار الله في اليمن، أنتم تُواجهون ملايين وعشرات ملايين الشعب اليمني الذي تاريخه، كلّ تاريخه، انتصارات وإلحاق الهزائم بالمحتلين والمعتدين، هذا ما يجب أن يفهمه بايدن وحكومة بايدن في هذه الأيام، وأن تعرف أين تذهب، أمريكا التي تقول أنّها لا تريد أن تُوسّع الحرب في المنطقة هي تدفع باتجاه توسعة الحرب في المنطقة من خلال عدوان على اليمن، ولن يتوقّف، لن يتردّد اليمنيون، حتى لو لم تصل مسيّراتهم إلى السفن المستهدفة أو صواريخهم، انتهى، نفس أنّ البحر الأحمر فيه صواريخ وفيه مُسيّرات ولا يوجد أمن وهناك مخاطر السفن ستُغادر، السفن المستهدفة فقط، وهم أعلنوا السفن الإسرائيلية أو التي تذهب إلى الكيان الغاصب. هذه رسالة اليمن، هذه بركات وقوف اليمن إلى جانب غزة، اليمن اليوم يزداد، هو عزيز دائمًا عزيز، ولكنّه يزداد عزًّا في العالم العربي وعزًّا في العالم الإسلامي وعزًّا في عيون أصدقائه وعزًّا في عيون أعدائه لأنّه أخذ هذا الموقف لله عزّ وجلّ في الدفاع عن المظلومين.
وأما في غزة والصمود الأسطوري للمقاومة في غزة ولأهل غزة ونساء غزة وأطفال غزة والمدنيين في غزة وفي الضفة وفي القدس هذا إن شاء الله هو الذي يُعوّل عليه لأنّ ذاك الصمود، تلك المقاومة، هذه الأفلام التي تُنشر في وسائل الإعلام عن العمليات البطولية التي تُعبّر عن شجاعة فائقة للمقاتلين والمقاومين هي التي تدعونا إلى الاستبشار بهذا المستقبل.
أيها الإخوة والأخوات، كلمتي الأخيرة، أرجع للبنان، لعوائل الشهداء واقعًا نحن نعتزّ بكم، نفتخر بكم، أنا شخصيًا أستمع إلى كلماتكم التي تُقال على الشاشات وتُنقل في تشييع أولادكم وأزواجكم وأعزّائكم وفي المناسبات المختلفة، عندما تلتقون مع إخواننا الذين يأتون لزيارتكم وفي خدمتكم كثير منهم ينقلون لي موقفكم، مشاعركم، ثباتكم، هذا في الحقيقة هو ما نتوّقعه من عوائل الشهداء، من هذه البيئة، التي تحمل هذه الثقافة الإيمانية، القرآنية، الحسينية، الكربلائية، وبالتالي هذا ليس أمرًا مُستغربًا، أنا شخصيًا لولا الظروف الأمنية التي اشتدّت يعني، أنا ما أُحبّه وما أتمناه وأرجوه وإذا أدعو الله سبحانه وتعالى أن يرجع بهذه الدنيا ويُوفّقني لشيء هو أن أذهب إلى بيوتكم، إلى عائلاتكم، أن أقف إلى جانبكم، أن أُقبّل جباهكم، أن أُقبّل أيديكم، وبالفعل أنتم كما قال الإمام رضوان الله تعالى عليه، أنتم فخر هذه الأمّة، أنتم عين هذه الأمّة، أيضًا عندما نأتي إلى الجرحى وإلى عائلات الجرحى، إلى ثباتهم وصبرهم وتحمّلهم، إلى الصامدين في القرى الأمامية والنازحين من القرى الأمامية، نحن لا نقول للذين ما زالوا في القرى الأمامية ابقوا أو اخرجوا، هم أصحاب القرار، نحن هكذا نفعل دائمًا، للذين صمدوا أو الذين رجعوا إلى الخلف وهذا حقّهم الطبيعي وهذا أمر طبيعي جدًا، لهذه البيئة التي تدفع الثمن المباشر في حياتها اليومية، في أبنائها وشهدائها، في بيوتها وأرزاقها، أيضًا هذه البيئة هي بيئة صابرة، مُحتسبة، مُؤمنة، مُجاهدة، كما كانت على مدى كل عشرات السنين وهي بيئة صاحبة بصيرة وهي تعلم وتفهم ماذا تعني هذه المعركة؟ وما هي أبعاد هذه المعركة؟ يا أهلنا في الجنوب لو كان قد قُدّر لا سمح الله للعدو الإسرائيلي أن يهزم المقاومة في غزة وأن يكسر إرادة المقاومة في غزة وأن يُهجّر أهل غزة، النوبة بعد غزة هي في جنوب لبنان وخصوصًا في جنوب الليطاني، سيأتي هذا العدو ليكسر إرادتكم، أنتم الذين هزمتموه وأذلّيتموه وطردتموه وكسّرتم أحلامه وأطماعه في مياهنا وأرضنا، هذه المعركة اليوم هي ليست فقط من أجل فلسطين، هي بدأت من أجل فلسطين وهذه كانت النية الكاملة، ولكن هي أيضًا من أجل جنوب لبنان، من أجل كل حبّة تراب في جنوب لبنان وخصوصًا في جنوب الليطاني، ولذلك هذا الصبر، هذه البصيرة، هذا الثبات، هذا الموقف هو ممتاز وهذا هو الذي يُواكب. وهذه البيئة تحتضن بعضها البعض، أنا أُواكب مع الإخوة المسؤولين، كثير من الذين غادروا البيوت، نحن قلنا فلنتعاون ونستأجر بيوتًا، لأنّه لا نعرف شهر أو اثنين أو ثلاثة، كم تطول الحكاية، وطالت ثلاثة أشهر بالفعل، ولكن كثير من العائلات لم تكن بحاجة لأن تستأجر أو يُستأجر لها بيوت لأنّ العائلات الأخرى ضمّتها إليها، أمّنت لها بيوتًا، بعض المُتموّلين، بعض المقتدرين ماليًا هم أيضًا ساهموا، الآن نحن أيضًا بقدر الوسع والطاقة. يجب على بيئتنا أن تتضامن في هذه المعركة معنويًا، نفسيًا، اجتماعيًا، ماليًا، معيشيًا، هذه معركة جنوب لبنان ومعركة لبنان كما هي معركة غزة ومعركة فلسطين ومعركة القدس.
وأختم للمقاتلين، المقاتلين الشجعان، عُشّاق الشهادة، عُشّاق الله سبحانه وتعالى، أنا تصلني من الجبهة رسائل وتقارير عن حوادث وحالات معنوية وروحية لدى هؤلاء المقاتلين ستنشر في يوم من الأيام، لكنّها تُعبّر عن مدى عشقهم وعن مدى حُبّهم للقاء الله سبحانه وتعالى، عن مدى صدقهم وإخلاصهم، عن مدى استعدادهم للتضحية والفداء من أجل الله، من أجل دينهم وشعبهم ووطنهم وأهلهم، من أجل كرامة الجميع وعزّة الجميع، من أجل الدنيا والآخرة. وهؤلاء يُقاتلون أيّها الإخوة والأخوات، اليوم المنطقة الحدودية إذا أردت أن أُشبّهها هي مثل البقاع في البرد، في البرد، في الغيوم، في الضباب، في المطر، منطقة عالية عن سطح البحر في أغلبها، هي منطقة باردة جدًا، كلّ الناس يعرفون، في البرد، في الثلج، تحت المطر وفي الغيوم وتحت القذائف والغارات الجوية هؤلاء الإخوة يتقدّمون ويُهاجمون مواقع وتجمّعات العدو ويردّون على استهداف المدنيين، وهم الذين سيردّون على خرق الضاحية الخطير إن شاء الله. لذلك نحن نتوجّه إلى هؤلاء المجاهدين المقاومين الذين هم من كلّ مناطقنا في لبنان، من كلّ بلداتنا في البقاع، في الجنوب، في الضاحية، في بيروت، في كلّ مناطق لبنان. الآن حتى عندكم في البقاع في كلّ البلدات سوف تجدون أعدادًا كبيرة من شباب البقاع أين موجودين؟ موجودون على الحدود في جنوب لبنان، مثل تمامًا ما كانوا شباب الجنوب عند السلسلة الشرقية وفي معركة الجرود، لأنّه نحن شعب واحد وبلد واحد ووطن واحد ومصير واحد وكرامة واحدة ودم واحد.
لهؤلاء المقاومين نتوجّه بالتحية والتقدير والتكريم والدعاء لهم بالثبات، بالنصر، بالصبر، بالتسديد، أن يُثبّت الله قلوبهم والأقدام، أن يُسدّد الله سبحانه وتعالى رميتهم إن شاء الله وكلّ رمياتهم، أن يُوفّقهم الله سبحانه وتعالى ليصنعوا بحقّ بأيديهم، بقبضاتهم، بأنفاسهم الطاهرة، بدمائهم الذكية، بسهر الليالي وتعب الأيام، أن يصنعوا هذا النصر الذي نتطلّع إليه جميعًا، للبنان، لفلسطين، للمنطقة، للقدس.
هذه أمنية الحاج أبو سليم، هذا ما كان يتطلّع إليه، هذا ما عاش له كلّ حياته، وإن شاء الله أبناؤه وأحفاده وأقاربه وأعزاؤه وتلامذته وأصدقاؤه ورفاق دربه كلّهم سيُحقّقون هذه الأماني وهذه الأهداف. مُجدّدًا لروحه الطاهرة الرحمة والرضوان وجوار الأنبياء والصدّيقين والشهداء والأولياء وعلو الدرجات وإلى روحه ثواب الفاتحة مع الصلوات والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.