تحقيقات

جرائم التعامل والتطبيع مع العدوّ الإسرائيلي (القسم الاول: في القـانون الدولي)

بقلم المحامي فؤاد مطر

إنّ قانون العقوبات يجرّم التعامل مع العدوّ الإسرائيلي وهي جرائم تُقترف ضدّ الوطن كرمز للسيادة.
أمّا التطبيع فهو جعل ما هو غير طبيعي طبيعيًا، وهو نوع من أنواع الإذعان يفرضه العدوّ بالقوّة بهدف القبول به كدولة ذات سيادة وشرعية إقليمية، وإنّ رفضه أمر إرادي إختياري فردي لا يخضع لقرار أيّ سلطة مهما كانت.

I – في القـانون الدولي

إنّ حقّ الشعوب في رفض التطبيع أقرّته المواثيق الدولية لأنّها لا تتعارض مع أحكامها، فقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن لم تنصّ على التطبيع القسري، بل أنّ ميثاق الأمم المتحدة في المادة الحادية والأربعين منه يقرّ على إجراء المقاطعة، وأحال معالجة ذلك على مجلس الأمن الدولي الذي يحقّ له أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير، “لمجلس الأمن أن يقرّر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلّب استخدام القوّات المسلّحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الإقتصادية والمواصلات الحديدية، والبحرية، والجوّية، والبرية، والسلكية، واللاسلكية، وغيرها من وسائل المواصلات وقفًا جزئيًا أو كلّيًا، وقطع العلاقات الدبلوماسية”.
وقد لجأت الأمم المتحدة إلى فرض عقوبة المقاطعة في العديد من المنازعات الدولية، وأبرز القرارات ما فُرض على جنوب أفريقيا بسبب سياسة التمييز العنصري.


II – في القوانين العربية الموحّدة

القـانون الموحّـد لمقاطعة إسرائيل

في 1949/12/2 قرّر مجلس جامعة الدول العربية مقاطعة المنتوجات والمصنوعات الإسرائيلية، كما أصدر توصية إلى الدول العربية منبّهًا إيّاها من خطر دخول السلع والمنتوجات الإسرائيلية إلى الدول العربية باعتبار أنّ إباحة دخولها يؤدّي إلى تحقيق الأغراض السياسية والتوسّعية الصهيونية.

وفي أيّار 1951 اتخذ مجلس الجامعة قرارًا قضى بإنشاء مكتب رئيسي للمقاطعة يكون مركزه دمشق، على أن تنشأ مكاتب إقليمية للمقاطعة في كلّ دولة عربية بغية تشديد الحصار على العدوّ الإسرائيلي ودفع الشركات الأجنبية إلى عدم التعامل معه، ويرأس هذا الجهاز مفوّض معيّن من الأمين العام للجامعة، ويعاونه في عمله مندوب كلّ دولة يتولّى وضع خطط مقاطعة إسرائيل ويتابع تنفيذها، وأنّ مهمة المكتب الرئيسي تأمين الاتصالات بالمكاتب المختصة في شؤون المقاطعة وتنسيق عملها وإجراءاتها ونشاطاتها.
بتاريخ 1954/12/11 أقرّ مجلس جامعة الدول العربية القانون الموحّد للمقاطعة الذي يحظّر على كلّ شخص طبيعي أو إعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة إتفاقًا مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما أقاموا، وذلك متى كان محلّ الإتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أيّ تعامل آخر أيًّا كانت طبيعته.

ويعاقب كلّ مخالف بالأشغال الشاقة المؤقّتة لمدّة لا تقلّ عن ثلاث سنوات وبالغرامة المالية.
لقد تناول هذا القانون المقاطعة العربية لإسرائيل ضمن ثلاثة مستويات:
– المستوى الأوّل: المقاطعة المباشرة للسلع والخدمات التي تنتجها وتقدّمها إسرائيل.
– المستوى الثاني: مقاطعة الشركات الأجنبية التي تدعم إسرائيل.
– المستوى الثالث: مقاطعة الشركات التي تتعامل مع الشركات الموضوعة على قائمة المقاطعة من الدرجة الثانية.

إنّ لبنان ملتزم بقوانين المقاطعة العربية الصادرة عن مكتب مقاطعة إسرائيل التابع لجامعة الدول العربية، ومن المفترض قانونًا أن تلتزم به كافة الدول العربية بصفتها عضوًا في جامعة الدول العربية.


المبـادىء العامة لمقاطعة إسرائيل

هي مجموعة مبادىء عامة صادرة عن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية يستهوي بها المكتب الرئيسي والمكاتب الإقليمية في عملهم لإجبار العدوّ الصهيوني على الإستجابة لقرارات الشرعية الدولية.

تحتوي هذه المبادىء على تبويب، وتطبّق من خلالها قيام أجهزة المقاطعة بواجبها.

1 – الشركات والمؤسّسات الأجنبية التي تعمل على تدعيم الإقتصاد الإسرائيلي، وتتناول:

– حالات الحظر الكلّي.
– حالات الحظر الجزئي.
– الشركات ذات الأوضاع الخاصة:
– الشركات العاملة في مجال الذرّة.
– شركات النفط.
– الشركات الاجنبية التي تمدها بأسلحة أو ذخائر أو مواد تفجير لمجهودها الحربي.
– حالات رفع الحظر.
– الإستثناءات من مبادىء الحظر الكلّي والجزئي.
– الإجراءات
2 – التبادل التجاري (تصدير واستيراد).
3 – المصارف والبيوت المالية، والتأمين.
4 – النقل والمواصلات:

– شركات الطيران الأجنبية.
– النقل البحري.
5 – السياحة الصناعية الفندقية، الخدمات العامة.

6 – الفنون والثقافة والإعلام:

– الشركات السينمائية والتلفزيونية الأجنبية
– الأفلام السينمائية والتلفزيونية.
– الأسطوانات وأشرطة التسجيل.
– المطبوعات الأجنبية المتضمّنة دعاية لإسرائيل أو طعنًا بالعرب.

7 – الميول الصهيونية:

– الأشخاص الطبيعيون ذوو الميول الصهيونية.
– الأشخاص الإعتباريون (مؤسّسات – شركات – جمعيات) ذوو الميول الصهيونية.

8 – أحكام عامة ومتفرّقة.

كما يحتوي على عدّة ملاحق.

إنّ نصوص المبادىء العامة لمقاطعة إسرائيل الصادرة عن جامعة الدول العربية تدخل ضمن نطاق التطبيق في لبنان، ومن ضمنها النصوص التي تعاقب كلّ من يعمل على تشويه تاريخ العرب أو الدعاية لإسرائيل والعمل لمصلحتها أو الميول للصهيونية.

يتبع…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى