جرائم التعامل والتطبيع مع العدوّ الإسرائيلي (القسم الثاني: في القـانون اللبناني)
بقلم المحامي فؤاد مطر
القسم الثاني
إنّ قانون العقوبات يجرّم التعامل مع العدوّ الإسرائيلي وهي جرائم تُقترف ضدّ الوطن كرمز للسيادة.
أمّا التطبيع فهو جعل ما هو غير طبيعي طبيعيًا، وهو نوع من أنواع الإذعان يفرضه العدوّ بالقوّة بهدف القبول به كدولة ذات سيادة وشرعية إقليمية، وإنّ رفضه أمر إرادي إختياري فردي لا يخضع لقرار أيّ سلطة مهما كانت.
III – في القـانون اللبناني
يعتبر الكيان الإسرائيلي عدوًا للبنان بالمعنى القانوني للكلمة الواردة في القوانين الواجبة التطبيق، وتعتبر الدولة اللبنانية بقوانينها النافذة واتفاقية الهدنة والمواثيق العربية والدولية الملتزمة بها ومواقفها الدائمة في المنظّمات والهيئات الإقليمية والدولية وأمام مجلس الأمن الدولي تعتبر فيها أنّ جميع صور وأشكال التعاون مع العدوّ الإسرائيلي هي أعمال غير مشروعة وتستحقّ أشدّ العقوبات وفق أحكام قانون العقوبات العام والعسكري وقانون مقاطعة إسرائيل.
وفي هذا الصدد سوف نتناول التالي:
أوّلًا: تجريم التعاون والتعامل مع العدوّ تطبيقًا لأحكام قانون العقوبات.
ثانيًا: تجريم الإتجار مع العدوّ تطبيقًا لأحكام قانون العقوبات.
ثالثًا: تجريم تسهيل أعمال العدوّ المالية تطبيقًا لأحكام قانون العقوبات.
رابعًا: تجريم التطبيع تطبيقًا لأحكام قانون مقاطعة إسرائيل.
أوّلًا: تجريم التعاون والتعامل مع العدوّ في قانون العقوبات:
إنّ جرائم التعاون والتعامل مع العدوّ في قانون العقوبات تخرج عن مفهوم الجرائم السياسية، لأنّ الدافع إليها دنيء يستهدف خدمة العدوّ أو إسداء العون له، وإنّ أيّ تحريض أو تشجيع على هذه الجرائم يُعتبر إشتراكًا ومساهمةً فيها يعاقب عليه القانون، ولا يجوز التساهل فيه أو تبريره أو التخفيف من مسؤوليته.
إنّ المشرّع لم يكتفِ بالمعاقبة على هذه الأفعال، وإنّما يعاقب أيضًا في حال الإمتناع عن التبليغ عن هذه الجرائم بالنظر لخطورتها وضرورة التعجيل في قمعها.
إنّ كلّ ادعاء أو زعم أو تبرير لأفعال التعامل والتعاون مع العدوّ يُعتبر جرمًا وخروجًا على أحكام القوانين النافذة، وتزويرًا للحقائق وتستّرًا عليها، لأنّ من تنعدم في نفوسهم مشاعر الولاء لوطنهم ويفضّلون التعاون مع العدوّ هم عملاء أيًّا كانت البواعث والأهداف والمبرّرات، فلا يمكن أن يوصف جزائيًا إلّا بالخيانة، لأنّها تثير في النفوس النقمة والإشمئزاز والإزدراء، فلا يمكن تبريرها أو النظر إليها بعين من الرحمة أو التخفيف لأّنها تهتك حرمة روابط الولاء الوطني.
تقضي أحكام قانون العقوبات اللبناني بأنّ الجرائم الواقعة على الحقوق السياسية، العامة والفردية تعدّ جرائم سياسية بطبيعتها تزول عنها هذه الصفة وتصبح جرائم عادية ويعامل فاعلها معاملة المجرم العادي إذا كان قد انقاد لدافع أناني دنيء (المادة 196 فقرة ثانية من قانون العقوبات) ويظهر أثر هذا الإتجاه أيضًا في أحكام المادة 198 من ذات القانون التي أباحت للقاضي أن يخفّف من وطأة العقوبات العادية التي عاقب بها المشرّع فاعل هذه الجريمة، وأن يجعلها عقوبات سياسية، فيقضي مثلًا بالإعتقال المؤبّد عوضًا عن عقوبتي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبّدة المنصوص عليها، وقد جاءت الفقرة الثانية من المادة 198 ونصّت على أنّ هذه الجرائم الرحيمة لا تطبّق على أمن الدولة الخارجي، كما ينطبق ذلك على المادة 199 من قانون العقوبات.
الخصائص المميّزة لنصوص جرائم التعاون والتعامل مع العدوّ في قانون العقوبات:
ثمّة خصائص مميّزة لنصوص جرائم التعاون والتعامل مع العدوّ في قانون العقوبات اللبناني، تتلخّص بما يلي:
1 – في الصياغة:
إنّ المشرّع قد استخدم المرونة في صياغة النصوص التشريعية الخاصة بجرائم التعاون مع العدوّ ليتسنّى للقاضي ممارسة سلطته الإستنسابية في تقدير هذه الأفعال.
والمقصود بهذه الجرائم التي تُقترَف ضدّ سيادة الوطن وتستهدف خدمة العدوّ والعمل لمصلحته والإتجار معه، وتدخّل في عداد الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي المنصوص عنها في قانون العقوبات اللبناني (المواد 273 حتّى 300 منه) وهي تهدف إلى حماية لبنان والدولة في مقوّماتها.
يتبيّن من ذلك وعلى سبيل المثال ما ورد في المادة 273 – فقرة ثانية – من قانون العقوبات بأنّ “كلّ لبناني وإنْ لم ينتمِ إلى جيش معادٍ، أقدم في زمن الحرب على أعمال عدوان ضدّ لبنان عوقب بالأشغال الشاقة المؤبّدة”، ويُلاحَظ عدم تحديد مدى أعمال العدوان ومحتواها.
ومنها أيضًا ما نصّت عليه المادة 275 من أنّ “كلّ لبناني دسّ الدسائس لدى العدوّ أو اتصل به ليعاونه بأيّ وجه كان على فوز قوّاته عوقب بالإعدام”، فلم يحدّد المقصود بالتجريم وما هو مدى الأفعال التي تؤلّف دسّ الدسائس أو الإتصال بالعدوّ.
إنّ مثل هذه النصوص يسودها المرونة فلا تنطبق عليها الصفات الأساسية التي تتصف بها مواد نصوص التشريع الجزائي من دقّة في التعبير ووضوح في اللفظ واستخدام الكلام الصريح للدلالة على المعاني المعيّنة المحدّدة.
2 – في التجريم:
إنّ من القواعد الأساسية ألّا يعاقب المشرّع الجزائي إلّا على النشاط الخارجي الذي يتجلّى بأفعال حسّية مادية تُحدث اضطرابًا إجتماعيًا، فلا عقوبة على التفكير في الجرائم أو العزم على ارتكابها، ولا على التحضير والتهيئة لها، ما لم يتخطَّ الفاعل هذه المراحل إلى الشروع أو البدء بالتنفيذ، فلا عقاب عليه، وهذه القواعد لا استثناء لها إلّا في حالتين:
الحالة الأولى: في الإعتداء على أمن الدولة: توجب قواعد التجريم عادةً التفريق بين مرحلة الشروع أو البدء بالتنفيذ، ومرحلة إتمام التنفيذ وإحداث النتيجة الجرمية الضارة.
بيد أنّ المشرّع لا يفرّق في الجرائم المقترفة ضدّ الدولة بين مرحلة الشروع ومرحلة الإنجاز، ولا يميّز بين الجريمة المشروع فيها من الجريمة التامة، بل هو يعتبر أنّ الإعتداء على أمن الدولة تامً سواءً أكان الفعل المؤلّف للجريمة تامًا أو ناقصًا أو مشروعًا فيه.
الحالة الثانية: في المؤامرة على أمن الدولة: يعاقب القانون على التآمر ولو لم يسعَ إلى تنفيذ ما عُقـد النيّة عليه، وإن لم يهيىء وسائل ارتكاب الجناية التي تمّ الإتفاق على ارتكابها.
3 – في أصول الملاحقة والمحاكمة والعقاب:
أ – الصلاحية الذاتية:
الصفة الأساسية التي تتصف بها القوانين الجزائية هي أنّها إقليمية فلا تتناول أحكامها غير الجرائم التي تقع فوق أراضي الدولة وضمن حدودها، ولكن المشرّع يخرج على هذه القاعدة في نطاق الجرائم المقترفة ضدّ الدولة، فقد نصّت المادة 19 من قانون العقوبات اللبناني على أنّه “تطبّق الشريعة اللبنانية على كلّ لبناني أو أجنبي فاعلًا كان أو محرّضًا أو متدخّلًا أقدم خارج الأرض اللبنانية على ارتكاب جناية مخلّة بأمن الدولة…”.
وهذا ما ينطبق على تعامل اللبنانيين العاملين في الدول المطبّعة.
ب – تجريم الإمتناع عن التبليغ عن هذه الجرائم:
إنّ التشريعات والقوانين الجزائية لا تلقي على عاتق المواطن عادة واجب إخبار السلطة العامة أو تبليغها عمّا يعلم به من جرائم تحت طائلة العقاب، إلّا أنّه بالنظر لخطورة الجرائم الماسّة بأمن الدولة، ومنها بالطبع جرائم التعاون والتعامل مع العدوّ، وضرورة المبادرة إلى منعها والتعجيل في قمعها، فقد أوجب المشرّع اللبناني في المادة 398 من قانون العقوبات على كلّ لبناني علم بجناية على أمن الدولة ولم ينبىء بها السلطة العامة في الحال، عوقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وبالمنع من الحقوق المدنية.
ج – تشديد العقاب:
ومن المظاهر الخاصة بالجرائم المقترفة لمصلحة العدو شدّة العقوبات المقرّرة على فاعليتها وصراحتها وقسوتها وهي تصل إلى الإعدام، كما يتجلّى هذا التشديد أيضًا في فرض العقوبات الفرعية والإضافية والتدابير الإحترازية وذلك كالمنع من الحقوق المدنية، أو سحب الجنسية اللبنانية.
د – قضاء إستثنائي خاص:
إنّ خطورة جرائم التعاون والتعامل مع العدوّ جعلت المشرّع اللبناني أن ينتزع هذه الجرائم من اختصاص القضاء الجزائي العادي وإناطة أمر الفصل فيها إلى المجلس العدلي وفق أحكام المادة 363 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، والقضاء العسكري وفق أحكام المادة 24 (فقرة 2) من قانون القضاء العسكري اللبناني.
ثانياً: الإتجار مع العدوّ في قانون العقوبات:
تنصّ المادة 285 من قانون العقوبات اللبناني على أنّه “يعاقب بالحبس سنة على الأقلّ بغرامة لا تنقص عن مئة ليرة كلّ لبناني وكلّ شخص ساكن لبنان أقدم أو حاول أن يقدم مباشرة أو بواسطة شخص مستعار على صفقة تجارية أو أيّ صفقة شراء أو بيع أو مقايضة مع أحد رعايا العدوّ أو مع شخص ساكن بلاد العدوّ”.
– أركان الجريمة:
إنّ أركان الجريمة التي نحن بصددها هي أربعة:
الركن الأوّل: الفاعل:
ينبغي أن يكون الفاعل لبنانيًا أو أجنبيًا ساكنًا في لبنان.
الركن الثاني: الفعـل:
هو الركن المادي للجريمة ويتمثّل في إقدام الفاعل أو محاولة الإقدام على عمل تجاري أو أيّة صفقة شراء أو بيع أو مقايضة. والفعل معاقب عليه أيًّا كان موضوع العمل التجاري، وأيًّا كان البيع أو الأشياء المشتراة أو المتقايض فيها، سواءً أكانت أعيانًا أو حقوقًا أو قيمًا أخرى منقولة أو غير منقولة.
يشترط في التعامل أن يكون قد قام به الفاعل بنفسه مباشرةً أو بواسطة شخص مستعار، ويعاقب أيضًا على الشروع به.
الركن الثالث: حصول التعامل مع أحد رعايا العدوّ أو مع شخص ساكن لديه:
الفئة الأولى التي يحظّر التعامل معها هي رعايا العدوّ، ولا ينهي حالة الحرب قيام هدنة دائمة كانت أم مؤقّتة.
الفئة الثانية التي يحظّر التعامل معها أيضًا هي الأشخاص القاطنون ضمن الأراضي التي يحتلها ويسيطر عليها.
الركن الرابع: القصد الجرمي:
لا يتطلّب القانون لهذه الجريمة سوى القصد الجرمي العام بأن تتجه إرادة الفاعل إلى مخالفة القانون في صلته غير المشروعة بأحد رعايا العدوّ أو بأيّ شخص ساكن ضمن الأراضي التي يحتلها ويسيطر عليها، ولا عبرة بعد ذلك بالبواعث والدوافع ما دام الفاعل يعلم أنّ من تعامل معه هو من رعايا العدوّ أو من القاطنين ضمن نطاق سيطرته الفعلية.
والفاعل الذي يقدم على اقتراف الجريمة الواردة في المادة 285 عقوبات بقصد معاونة العدوّ على فوز قوّاته فإنّه يعاقب كخائن بمقتضى أحكام المادة 275 عقوبات.
ثالثاً: تسهيل أعمال العدوّ المالية وفق أحكام قانون العقوبات:
تنصّ المادة 286 من قانون العقوبات على أنّه “يستحقّ العقاب الوارد في المادة السابقة من ذكر فيها من الأشخاص إذا ساهموا في قرض أو اكتتاب لمنفعة دولة معادية أو سهّلوا أعمالها المالية بوسيلة من الوسائل”.
– أركان الجريمة:
تتمثّل أركان الجريمة بما يلي:
الركن الأوّل: الفاعل:
الفاعل في هذه الجريمة يكون إمّا لبنانيًا أو أجنبيًا ساكنًا في لبنان.
الركن الثاني: إسداء العون المالي:
وهو الركن المادي للجريمة ويتجلّى في نوعين من الأفعال:
1 – المساهمة في قرض أو اكتتاب لمنفعة دولة معادية:ويُقصد بالمساهمة الإشتراك وصوره كثيرة ووسائلة متعدّدة.والقرض أيًّا كان نوعه يحظّر الإشتراك فيه بأيّ شكل سواءً جرى الإكتتاب العام أو الإكتتاب المصرفي بالمزايدة.
والإكتتاب كذلك أيًّا كان نوعه، وسوء أكان حاصلًا في أسهم شركة، أو سندات قرض عام، أو في شراء كتاب قيد الطبع، أو في عمل خيري، فإنّ الإشتراك فيه يؤلّف هذه الجريمة، وهو محظور وممنوع قانونًا.
2 – تسهيل الأعمال المالية للدولة المعادية بأيّة وسيلة من الوسائل، وهذا التعبير شامل ومطلق ويتسع لأنماط متنوّعة وشتّى في مجالات النشاطات لأنّ أعمال الدولة المالية أصبحت كثيرة وتفوق الحصر.
الركن الثالث: القصد الجرمي:
يكفي لقيام القصد الجرمي في هذه الجريمة توافر القصد العام القائم على العلم والإرادة، أمّا إذا كان الفاعل يستهدف معاونة العدوّ لتمكينه من فوز قوّاته، فالفعل ينقلب إلى خيانة ويعاقب مرتكبه عندئذٍ بالعقوبة المفروضة في المادة 275 عقوبات.
– عقوبة الإتجار وتسهيل أعمال العدوّ المالية:
إنّ عقوبة الإتجار مع العدوّ وتسهيل أعماله المالية تتراوح بين الحبس سنة على الأقلّ وثلاث سنوات وغرامة مالية وفق أحكام قانون العقوبات اللبناني.
وفي هذا المجال تطبّق أحكام قانون مقاطعة إسرائيل الصادر في 1955/6/23 والذي نصّ على عقوبة الحبس من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات، لأنّها تتعارض مع أحكام قانون العقوبات.
رابعًا: قانون مقاطعة إسرائيل والمرسوم التنظيمي:
أقرّ المشرّع اللبناني مبدأ مقاطعة إسرائيل بموجب قانون مقاطعة إسرائيل الصادر في 1955/6/23، وبناءً عليه صدر مرسوم يتعلّق بتنظيم مقاطعة إسرائيل تحت رقم 12562 تاريخ 1963/4/19.
1 – قانون المقاطعة:
تنصّ المادة الأولى في فقرتها الأولى من قانون مقاطعة إسرائيل الصادر في 1955/6/23 على أنّه “يحظّر على كلّ شخص طبيعي أو معنوي أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقًا مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل ومنتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها وذلك متى كان موضوع الإتفاق صفقات تجارية أو عمليات مالية أو أيّ تعامل آخر مهما كانت طبيعته…”.
وحمايةً لمبدأ المقاطعة، أوجب القانون على المستورد أن يقدّم شهادة منشأ يوضح بها بيان البلد الذي صُنعت فيه السلع، وأنّه لم يُدخل في صنعها أيّة مادة من منتجات إسرائيل أيًّا كانت نسبتها.
أ – حظر أيّ تعامل مهما كانت طبيعته:
لم يحصر قانون مقاطعة إسرائيل الصادر في 1955/6/23 على الحظر بالتعامل التجاري فقط، وإنْ لم يرد بالحرف ذكر أنواع التعامل الأخرى، لأنّه لم يكن واردًا لأيّ لبناني آنذاك أن يقبل بإسرائيل أو أن يقيم أيّ تعاون ثقافي وفكري معها، إنّما كانت الخشية محصورة في أن يعمد بعض المقاولين إلى إبرام صفقات تجارية مع أشخاص أو شركات تحمل الجنسية الإسرائيلية، وفي كلّ الأحوال حظر أيّ تعامل آخر مهما كانت طبيعته وهو حظر عام شامل مطلق.
تعتبر الشركات والمؤسّسات الوطنية والأجنبية التي لها مصانع أو فروع تجميع أو توكيلات عامة في إسرائيل في حكم الهيئات والأشخاص المحظور التعامل معهم.
كما حظّرت المادة الثانية من القانون المذكور دخول البضائع والسلع والمنتجات الإسرائيلية بأنواعها كافة إلى لبنان، سواءً وردت من إسرائيل مباشرة أو بطريق غير مباشر، والمعاد شحنها من إسرائيل أو المصنوعة خارج إسرائيل بقصد تصديرها لحسابها، وكذلك السندات المالية وغيرها من القيم المنقولة الإسرائيلية.
وحمايةً لمبدأ المقاطعة أوجب القانون على المستورد أن يقدّم شهادة منشأ يوضح بها بيان البلد الذي صنعت فيه السلع وأنّه لم يدخل في صنعها أيّة مادة من منتجات إسرائيل أيًّا كانت نسبتها.
كما نصّ على أنّه يعتبر في حكم البيع والشراء كلّ صفقة تتمّ على سبيل التبرّع أو المقايضة وسواءً السلع التي تنزل إلى أراضي لبنانية أو تمرّ عبرها.
ب – في العقـوبة:
إنّ الوصف الجرمي لكلّ من تعامل مع إسرائيل وأيًّا كانت طبيعته هو جناية تمتد عقوبتها من ثـــــــلاث سنوات إلى عشر سنوات بالإضافة إلى الغرامة، ويطبّق في هذه الحالة أحكام هذا القانون بوصف الجرم جناية، فلا يطبّق قانون العقوبات لجهة أنّ الوصف المنصوص عليه في أحكامه جنحة، وتطبيقًا لما نصّت عليه المادة الأخيرة من قانون مقاطعة إسرائيل بأن تلغى جميع النصوص التي تتعارض مع أحكامه.
ويمكن أن يُحكم على الجاني بالمنع من مزاولة عمله.
أمّا إذا أخلّ أحد الأشخاص ببيان البلد الذي صُنعت فيه السلع، أو إذا دخل في صنع أيّة مادة من منتجات إسرائيل أيًّا كانت نسبتها، فإنّ العقوبة تمتدّ بحقّه من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات.
وإذا كان الجرم مرتكبًا من قبل شخص اعتباري أو هيئة معنوية، يمكن الحكم بالحلّ، وأحيانًا بالإقفال من شهر إلى سنتين وفق ما هو منصوص عليه في قانون العقوبات اللبناني (من المواد 103 إلى المواد 111) وبمصادرة الأشياء والأموال ووسائل النقل.
تُعلّق خلاصة كلّ حكم بالإدانة بأحرف كبيرة على واجهة محلّ تجارة المحكوم عليه أو المصنع أو المخزن أو غيره من الأماكن على نفقته لمدّة ثلاثة أشهر، ويعاقب على نزع خلاصة الحكم أو إخفائها أو إتلافها بالحبس ثلاثة أشهر وبالتغريم المالي.
يشجّع هذا القانون على الإخبار عن الجريمة بإعفاء المخبر من العقوبات عدا المصادرة قبل اكتشاف الفعل، ومنحه مكافآت مالية لمن يضبط أو يسهّل ضبط هذه الجرائم بنسبة عشرين بالماية من قيمة الأشياء المحكوم بمصادرتها.
ج – في الإختصاص:
يعود للمحاكم العسكرية النظر في جرائم ومخالفات هذا القانون.
الملفت للنظر أنّ القانون يراعي خطورة التطبيع وخرق المقاطعة إذ جعل الإختصاص في النظر بهذه الجرائم من اختصاص المحاكم الإستثنائية العسكرية.
2 – مرسوم يتعلّق بتنظيم مقاطعة إسرائيل (رقم 12562 صادر بتاريخ 1963/4/19):
إنّ شؤون مقاطعة إسرائيل يتولّاها مكتب مقاطعة اسرائيل بإشراف وزير الإقتصاد، ويتولّى هذا المكتب تأمين الإتصال العادي مع المكتب الرئيسي لمقاطعة إسرائيل ومع المكاتب الإقليمية للدول العربية، وهذا ما نصّ عليه مرسوم تنظيم مقاطعة إسرائيل الصادر في 1963/4/19.
يتولّى مكتب المقاطعة الأمور التالية:
– جمع المعلومات الضرورية.
– إعداد الدراسات.
– إقتراح الإجراءات الواجب اتخاذها.
– تنفيذ المقرّرات المتخذة من قبل المراجع الصالحة والسهر على تطبيقها من قبل السلطات المختصة والأشخاص.
– حفظ وتنقيح الوثائق والمعلومات.
– تأمين الإتصال العادي مع المكتب الرئيسي لمقاطعة إسرائيل ومع المكاتب الإقليمية للدول العربية.
كما نصّ مرسوم تنظيم مقاطعة إسرائيل على إدراج أو شطب أسماء من لائحة الأشخاص أو المؤسّسات المحظّر التعامل معها من جهة وعلى اللائحة السوداء للبواخر من جهة ثانية، وهي تخضع لتصديق مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير الإقتصاد وبعد استطلاع رأي الهيئة العليا للشؤون الفلسطينية، وتنشر هذه اللائحة في الجريدة الرسمية وفي ثلاث صحف يومية مرّة كلّ سنة وتحت إشراف مكتب المقاطعة.
نشر في “محكمة” –بتاريخ 2021/9/5