ماذا في جعبة حزب الله بعد..
الجنوب جبهة اسناد ومشاغلة ناشطة وايضا مؤسسة في جولات حرب تحرير فلسطين.
بقلم: د. ميخائيل عوض
لم تتأخر جبهة الجنوب عن دخول الحرب. وبادرت المقاومة الاسلامية الى اسناد غزة وكتائب القسام والفصائل التي صنعت معجزة طوفان الاقصى، برغم انها لم تكن في الصورة ولا لديها معلومات عن العملية وموعدها. ومسارعتها للاشتباك يسجل لها لا عليها.
حدد السيد نصرالله المهمة في خطاب النصر. الخطاب الذي رسم السيد قائدا استراتيجيا شاملا، بكلماته وعباراته الاكثر اهمية من الصواريخ الدقيقة والمسيرات الشبحية.
قالها نحن على سلاحنا، ومستعدون ومستنفرون وشركاء، وهدف الجولة ان تخرج غزة بانتصار باهر وشدد على انتصار حماس، واشغل عقول وقلوب قادة اسرائيل وامريكا وحلفها بكلماته المتقنة والتي وصفها بالغموض البناء.
ولان جبهة الجنوب محورية في الحروب والجولات وفي تقرير مساراتها ونتائجها، وشغلها الشاغل تحرير فلسطين من البحر الى النهر وكانت قد اعدت عدتها وجهزت رجالها وسلاحها للحرب الكبرى التي عرفها السيد حسن مرارا وتكرارا انها حرب تحرير فلسطين من البحر الى النهر.
يبدو ان الجبهة تعمل بقاعدة الاسناد والدعم، وايضا لتوفير شروط جولات اخرى وربما الجولة الفاصلة. فنجحت بتدمير خط الدفاع الإسرائيلي واعمت واصمت اسرائيل، ودمرت الدشم والاجهزة التقنية غالية الثمن والفاعلية في الحروب والتجسس والتشويش والمراقبة.
فتدمير خط الدفاع يقع في مهمة الاسناد والاشغال وايضا في سياق التجهيز والتحضير للجولات او الجولة الفاصلة.
ولأنها جبهة حيوية ونشطة وقائدة في محور المقاومة وتشكيلاته فهي تعرف ان ما حققته ليس بكافيا ولا يدلل على قدراتها فرفعت من منسوب الاشتباك وادخلت سلاح الدفاع الجوي في المعركة، ومن ثم الطائرات المسيرة القتالية وليست فقط للاستطلاع والتحرش. ولان العمل العسكري يقتضي اضافة لدورها كجبهة اسناد ودعم وجبهة قائدة ونشطة ادخلت السلاح الثقيل باستخدام الصواريخ ارض ارض قصيرة المدى وذات القدرات التدميرية الهائلة، وفي ذلك خطوات عملية تحذيرية وعرض قوة بالنار عما تخبئه للجولة الفاصلة.
الصواريخ ذات القدرة التدميرية العالية تكمل وظيفة الصواريخ الموجهة ضد الدروع وقذائف المدفعية وصواريخ الكاتيوشا، التي الزمت قوات العدو بالتحصن في مواقعها والامتناع عن التحرك فجاءت الصواريخ التدميرية لتضرب الحصون وتدمرها وتقتل من تحصن فيها.
من غير المنطقي ان تكتفي المقاومة عند هذه ما دامت الحرب على غزة مستمرة وقرار اسرائيل المعلن خوضها مهما طال الزمن وكانت الكلفة باعتبارها حرب وجودية، اي ستقرر نتيجتها ان تبقى اسرائيل او تزول.
فالمنطقي ان لدى المقاومة جديدا ستفاجأ به، وتفرض قواعد اشتباك جديدة وترفع من سخونة الحرب معها، وتضع الجيش الاسرائيلي والاساطيل الامريكية في حيرة وعجز عن المواكبة وكل ذلك تحت سقف الاسناد والدعم وليس ابتغاء التصعيد والعصف.
اغلب الظن ان المقاومة الاسلامية ستنتقل الى الهجمات البرية المحدودة.
كعمليات الكمائن في القشرة المفترض انها مسرح الاشتباك، وزرع العبوات، والاغارة على المواقع وتطهيرها والسيطرة عليها وقتل واسر من فيها ونسفها ثم الانسحاب منها لا التمركز فيها.
وقد يفيد تامين مجموعات لحماس والجهاد والفصائل لمهاجمة مستوطنات والاشتباك مع حامياتها بعد ان تحولت الى ثكنات عسكرية حصينة، فمجرد تسلل مجموعات فلسطينية والاشتباك مع المواقع وحاميات المستوطنات تعطي اشارات عملية حافزة للضفة وشعب ومقاتلي غزة، وترهب وتشغل القوات الإسرائيلية وترهقها دون الوصول الى الاشتباك العاصف.
فالانتقال الى مرحلة تحرير المواقع والتمركز فيها تنتمي الى تكتيك الجولة الفاصلة وسيسبقها العصف الصاروخي والاجتياح الكبير والواسع.
الكمائن القشرية داخل الحدود والعبوات والاشتباك في ومع حاميات المستوطنات وعمليات الاغارة على المواقع الاسرائيلية لتدميرها والانسحاب منها تكتيك ثوري ابداعي يؤمن الاسناد والدعم لغزة. ويحقق الاشتباك مع الجنود المحتمين بالحصون من مسافة صفر، والقضاء عليهم. ستشكل عنصر تحفيز وزيادة ثقة المقاتلين في غزة وستدل مقاتلي الضفة على التكتيكات الواجب اعتمادها لإسناد غزة من الضفة. وسيكون لها اثر هائل في ارباك الخطط والوحدات والروح القتالية للجيش الاسرائيلي، وقد تدفعهم لإخلاء المواقع وتركها لتخفيف الخسائر، ومنع التصعيد، ما يجعلها تحت السيطرة اذا اقتضت الظروف تصعيدا والشروع بتحرير الجليل.
بل هذا النمط من العمليات الهجومية ينذر الإسرائيلي والامريكي بان استمرار حرب تدمير غزة سيوجب الجولة الفاصلة والحرب العاصفة.
وليس ببعيد عن عقل المقاومة الاسلامية في حربها لإسناد غزة وفي التزامها الضغط لوقف النار وخروج غزة وحماس بانتصار ثمين ان تبادر المقاومة الى تنشيط الكمائن وعمليات الإغارة على المواقع والمعسكرات في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والقرى اللبنانية السبع لتأكيد الحق للبناني فيها، ولتأكيد ان المقاومة في مشاركتها الحرب من موقع الاسناد والدعم ايضا تلبي المصالح اللبنانية وتعمل لتحرير ما بقي تحت الاحتلال.
انه زمن العصف والتحولات والاحداث غير المسبوقة والفرص لن تفوت عقل المقاومة وقادتها، وتطوير الاداء ومراكمة المكاسب في الجولات منهجها الذكي والمبدع، وفي الحرب وخاصة حروب المقاومة لا يجب ان تستقر الجبهات وان تتحول الى تقليدية، ويعتاد عليها الخصم. وتقتضي الحكمة تطوير وسائلها ووسائطها وتكتيكاتها.