في ذكرى الثورة “الناصرية مشعل العروبة المضيء”
المحامي فؤاد مطر
في الذكرى الثانية والسبعين لثورة 23 تموز بقيادة المارد العربي جمال عبد الناصر نستذكر بزوع أمل جديد على إفق هذا الشرق الذي تمرد على واقع أمة تكالبت عليها التحديات، وقد إستنبطت من حلم الشعب طريقها لتحقيق إنجازات تاريخية وحضارية بلورت مشروع النهضة العربي.
الناصرية تمثل الدعوة لعدم التفريط بحقوقنا العربية حيث إنطلقت من مسلمات بأن الحق بغير القوة ضائع وإن أمل السلام بغير إمكانية الدفاع عنه استسلام، ولا يمكن بأي حال من الاحوال عقد صلح او إجراء تفاوض للاعتراف بالكيان الصهيوني، فلا تفريط في حق الشعب الفلسطيني.
أمتازت الناصرية بأنها ثورة إجتماعية ايضاً لتحقيق العدالة والتنمية دفاعاً عن حقوق ومصالح الناس وصوناً لحرية الوطن ولحرية المواطن حيث قامت ببناء صرح عظيم بإرادة صلبة مؤمنة وبيد تبني و بيد تحمل السلاح، فأطلقت مقاتلين في عمليات فدائية إنطلاقاً من غزة هاشم و غزة المعمدان قبل العدوان الثلاثي عام 56، كما دعمت كل قضايا التحرر في العالم من الجزائر الى جنوب افريقيا.
خاض عبد الناصر حرب الاستنزاف بعد أن أعد الشعب والجيش لإزالة اثار حرب 67 التي أثمرت نصر 73 المدّوي، وبحق كانت سنوات التحدي والكبرياء.
إن المقاومة ضد العدو الاسرائيلي تنتمي حكماً وبالضرورة للفكر الناصري الاستراتيجي الذي يعتبر ان الصراع مع العدو الصهيوني هو صراع وجود وليس صراع حدود، فأما نكون او لا نكون، حيث أعطى الاستعمار من لا يملك لمن لا يستحق ، لتقسيم المنطقة العربية ومنع وحدتها ونهوضها لإستنزاف ثرواتها وطاقاتها ووقف تقدمها، لان العروبة هي المؤهلة في استقطاب وجذب شعوب العالم نحو أسمى المبادىء الانسانية المنبثقة من روح الرسالات السماوية الخالدة.
قاومت الناصرية الاستعمار وأعوانه وتخلصت من النفوذ الاجنبي ودوائر مناطق النفوذ ونجحت في القضاء على الاقطاع والاحتكار وسيطرة رأس المال، ووضعت اللبنة الاساسية لبناء عدالة إجتماعية وحياة ديموقراطية سليمة، وبنت جيشاً وطنياً حمى مصر من مشاريع التقسيم والتفتيت.
كان عبد الناصر يطالب دائماً الرؤساء العرب ان يراعو الوضع الخاص للبنان، وقد شبه بيروت بأنها رمال متحركة للتحذير وحماية لبنان.
في شباط من العام 59 وضع عبد الناصر معادلة عدم تدخل الجمهورية العربية المتحدة ( مصر وسوريا) في شؤون لبنان الداخلية وان يلتزم لبنان مواقف الجمهورية العربية المتحدة في المؤسسات الدولية، والتقى بالرئيس فؤاد شهاب في قمة الخيمة الحدودية بين لبنان وسوريا للتأكيد على استقلال لبنان وعدم التدخل في شؤونه الداخلية .
حتى ان اتفاقية القاهرة في تشرين الاول عام 1969 وقعها قائد الجيش اللبناني آنذاك مع الطرف الفلسطيني ، وتفاجأ عبد الناصر حينها وقال لممثل الدولة اللبنانية ” هل انت متأكد وموافق على ما ورد في متنها” ، وبإطلاعنا ايضاً على أغلب المذكرات فقد أكدت عدم رغبة عبد الناصر، بما ورد في اتفاقية القاهرة .
عبد الناصر، ما زال حوار الانسان العربي مع ماضيه و عبوره الى مستقبله حيث ما زال فكره نبراساً حياً وطريقاً نحو التنمية و التحرر والوحدة.