الإعلامي الحاج محمد عفيف: “انتظر استشهادي ولماذا كتبت الآن؟”!
بقلم: أ.جهاد أيوب
الإعلامي الشهيد الحاج محمد عفيف النابلسي كان ينتظرها، ويسعى إليها، ولا تفارقه، تلازمه، ويشربها مع الماء والشاي، وهو ذهب إليها منذ صباه حيث قرر الجهاد ضد أعداء الله…إنها الساحرة التي يختارها الله للشرفاء والمخلصين والصالحين والصابرين والاوفياء أهل الكرامات، والله يحب هؤلاء المقربون منه، وصورة عنه، والقيمة العملية في نهجه وكتابه…إنها الشهادة!
الشهادة التي بذل الحاج محمد عمره كي ينالها، وسقط رافعاً أصبعه إلى البار ليقول لنا فزت ورب الكعبة، وبحمد الله نالها.
واستشهاد مسؤول العلاقات الإعلامية في المقاومة الحاج محمد عفيف صفعة للحقيقة ولنا، والجميل في هذا الغدر أن الشهيد نال ما تمناه، وفي اللقاء الأخير معه همس في إذني قائلاً: ” لماذا كتبت عني، طول بالك حتى استشهد……؟”!
يومها أخبر الجميع بشوقه لنا، وبأنه يحب مجالستنا، ولكن الظروف تحتم عليه الانسحاب!
الإعلامي الشهيد محمد عفيف،
لم يكن مجرد نقطة في بحر الإعلام المحترم والمسؤول، بل حالة من الوعي لدور وخطاب الإعلام بكل فروعه ونوافذه، ورغم تنقله في فروع المقاومة، ومجالسة مع من هم معها أو يخاصمونها ظل أميناً لخطه ونهجه والإنسان في دينه وحياته.
هو في كل الظروف والحالات يستوعب من فيها وحولها وضدها، وبالتأكيد هو مدرسة في عمله، ومعه طلابه المشهود لهم، لذلك من تعرف إليه وعمل معه، وصادقه يؤمن يقيناً ان هذه المقاومة ستنتصر بكل الأحوال بقي حياً أو بقينا أحياء أو لم نبقَ!
لم يبخل علينا باستشارة أو كلمة تجمل الحدث، وتدخل السرور والبسمة في حال وقوع الخلاف ونعرات الغيرة في مهنة المتاعب، وما يشفع في هذه الصفعة أن العديد من الزملاء سقطوا، ترنحوا، وانكشفت معالمهم في هذه الحرب، وكم خسروا من الكبرياء وهم يضعون جهلهم في خانة الأعداء، أو نهضوا فقرروا الشماتة واكتشفوا بأنهم الأكثر وعياً وفهماً وخيانة لكنهم حينما يختلون مع انفسهم يكتشفون كم هم اغبياء سذج!
لقد رحلت شهيداً يا حاج محمد وأنت مطمئن إلى الميدان، وتعلم قبل غيرك بصناعة البواسل من رجال الله، وما من مرة إلا واخبرتنا عن النصر القريب رغم التضحيات!
ورحلت في أرض المعركة مع زملاء المساحة، ومرتاح البال فالصورة واضحة وناصعة والغربال غربل المغربل، والسلاح بأيدي أمينة، والأمين العام الشهيد حبيبك ينتظرك بعد أن تم التسليم من السيد إلى الشيخ، والتسليم نعمة النعيم، الذي اقسم قاسم الموقف الحاسم، وهو ينتظر المزيد من أخبار الميدان والشهداء…
نم قرير العين يا من كنت الصديق والأخ والأب، والسهل والجبل، والصخر والتراب، والماء الذي يروي الصحراء…
يا من كنت تسمع، تناقش، تحسم، وتنطلق بما يخدم العقيدة والجهاد والمقاومة!
نعم هناك من هدد الشهيد الحاج محمد عفيف بالإسم وعبر منصات إعلامية لبنانية وعربية متصهينة لكونه فضحهم، وتحدث عن همجيتهم وحقدهم وخياناتهم، ويعتقدون بتهديدهم له يصلون إلى إسقاط نبرة صوت راية الإعلام المقاوم… وانفشرتم!
سعداء باستشهاده، وسعادتهم عبيطة غبية تنتمي إلى الحقد الطائش، والجهل الديني والإنساني، إنهم من فئة الخواء، ولا ينتمون إلى البشرية حتى لو أخذوا أشكال البشر!
ورغم أن الشهيد الحاج لم يحمل السلاح الناري، لكنهم أخافوه، وارتبكوا منه، وفي كل لحظة يشعرون بأنه يُعريهم ويفضحهم، ويعيق دجلهم وحقدهم وجهلهم الوطني والديني والاجتماعي..فقرروا اغتياله!
وحكايتنا مع أهل الغدر وهم يدعون أنهم من جلدنا طويلة ومن عمر التاريخ، ولن نقف عند هذا أو ذاك من الاغتيالات لكوننا ندرك أننا نواجه الشياطين من اعداء الله في الداخل وفي الخارج، والأهم أن الدفاع عن الأرض والمقدسات والرايات والمظلومين يتطلب الكثير من القرابين، ونحن القرابين إلى يوم الدين، والحاج محمد ورفاقه اطهر القرابين من أجل بقاء الوطن ورايته!
…واخر ما كتبه الحاج الشهيد محمد عفيف لي قبل اسبوع على استشهاده: “وصلني جميل ما كتبت، وأنت الأخ الصدوق، والإعلامي الناقد، والمقاوم الصادق، وأعلم أن ما أقوم به هو واجبي ولا أمن به على أحد، ولا اطلب ثناءاً أو مديحاً، لكنك وإن احرجت تواضعي وفيت فشكراً لك…
يا عيني عليك ما احلاك يا أكثر الناس صدقاً…”.
اعتذر من نشر هذا، وتعمدت نشره لتعرفوا تواضعه، واحترامه، وسر عمله المجبول بالكبرياء والمسؤولية…