دعوة إلى تجديد الخطاب الإعلامي وتكريس “الإعلام التوعوي”: من التفرقة إلى البناء

بيروت – الصحافة اللبنانية الدولية
أيها الزملاء الإعلاميون،
“إنها دعوة من القلب والعقل لتجديد رسالتنا الإعلامية…”
آن الأوان أن نعيد النظر جذريًّا في الخطاب الإعلامي السائد، الذي ابتعد في محطات كثيرة عن رسالته الأصيلة، فتحوّل من أداة تنوير إلى وسيلة تفرقة، ومنبر صراع بدل أن يكون جسر تلاقٍ بين أبناء الوطن الواحد. لقد أسهم هذا النمط التقليدي في ترسيخ الشك والخوف والانقسام الطائفي والمناطقي، وآن له أن يُستبدل بإعلام يجمع ولا يفرّق، يُنير ولا يُضلّل، ويبني ولا يهدم.
في ظل تزايد التحديات التي تواجه المجتمعات، من فتن وأزمات ومعارك إعلامية مفتوحة، يبرز الإعلام التوعوي كضرورة وطنية لا خيارًا ترفيًّا. فهو ليس مجرّد ناقل للمعلومة، بل هو حارس للوعي العام، وصوت الحقيقة، وخط الدفاع الأول عن هوية المجتمع وثوابته. إعلامٌ يُناهض الفوضى الرقمية، ويُواجه حملات التضليل، ويعيد الاعتبار للرسالة الإعلامية القائمة على التحليل، والسياق، والمهنية الأخلاقية.
إن مسؤوليتنا، كإعلاميين، لا تقتصر على توصيف الأزمات أو نقل الوقائع، بل تمتد إلى ابتكار نمط إعلامي جديد، ينبع من روح الانتماء الوطني، ويُعيد بناء جسور الثقة بين وسائل الإعلام والمجتمع. إعلامٌ يُحبّنا فيه العالم، ويثق برسالتنا، ويرى فينا صوت الناس، وحماة للحق، وشركاء في النهوض والبناء.
ندعو إلى إعلامٍ يطرح الحلول لا يكتفي بسرد المآسي، ويقترح المخارج بدل أن يعمّق الانقسامات، ويعتمد خطابًا جامعًا لا مثيرًا، ويضع الإنسان وكرامته في صميم رسالته.
إننا، في موقع “الصحافة اللبنانية الدولية”، نؤمن أن الإعلام التوعوي هو مسؤولية أخلاقية بقدر ما هو واجب مهني. ورغم التحديات التي يواجهها هذا المسار، من ضغوط سياسية، وندرة الموارد، وتضييق على الحريات، فإننا نشهد صعودًا مشرفًا لعدد من الإعلاميين الأحرار الذين يختارون قول الحقيقة، وخدمة المجتمع، والانحياز لمصلحة الوطن.
ومن هذا المنطلق، نجدّد دعوتنا لكافة الزملاء في الحقل الإعلامي، لا سيّما من الجيل الجديد، إلى الانخراط في مسار التوعية، المصداقية، والاستقلالية، والمساهمة في بلورة إعلامٍ يُعلي من شأن الوطن والمواطن، ويحترم عقل المتلقّي، ويُرسّخ الوعي كأداة مقاومة وكرامة.
ختامًا، نؤكد التزامنا الثابت بنهج التوعية، وبقضايا الناس، وبهويّة لبنان الجامعة، وندعو إلى تكاتف كل الإعلاميين الشرفاء لتأسيس خطاب إعلامي يليق بوطننا، ويعكس الصورة التي نريد أن نُظهِرها للعالم: وطنًا حيًّا، موحَّدًا، مقاومًا، وقادرًا على النهوض بكلمةٍ صادقةٍ وإعلامٍ حر. (خالد عياد)