مسألة “المثليّة الجنسيّة” تعود الى الواجهة: مشروع قانون لعدم تجريمها تقدّم به عدد من النواب
كثرت في الآونة الأخيرة طرح موضوع المثلية الجنسية، وتستمر المواجهات بين المدافعين عن المثلية الجنسية ووجودها والرافضين من رجال دين وسياسيين في لبنان لممارساتها.
وفي السياق، تقدم عدد من النواب نذكر منهم: نجاة عون صليبا، كميل شمعون، جورج عقيص، أديب عبد المسيح، الياس حنكش، بولا يعقوبيان، ندى البستاني، سينتيا زرازير، ومارك ضو في 12 تموز الماضي، باقتراح قانون عدم تجريم المثلية الجنسية.
وفي سياق متصل، طلب وزير الثقافة محمد المرتضى، من القوى الأمنية منع عرض فيلم “باربي” في السينما اللبنانية، قائلاً: إنه “يروج للشذوذ والتحول الجنسي”، ويتعارض مع القيم الأخلاقية والإيمانية”، مضيفا “إنّ عرض الفيلم ستكون له نتائج سلبية على الأطفال.”
وعليه، قامت “الديار” بنشر اقتراح القانون الذي يرمي الى الغاء المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني، ليتسنّى للرأي العام الاطلاع عليه:
اقتراح قانون
يرمي الى الغاء المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني
المادة الاولى: تلغى المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني.
المادة الثانية: خلافا لاي نص مغاير، تسقط الدعاوى والاحكام والملاحقات وتكف التعقبات التي اخذت قبل نفاذ هذا القانون. ولا تجوز احالة اي من القضايا او الدعاوى او الملفات المشمولة بهذا القانون على اي مرجع قضائي.
المادة الثالثة: تلغى جميع النصوص القانونية المخالفة لهذا القانون او التي تتنافى مع مضمونه.
المادة الرابعة: يعمل بهذا القانون فور نشره في الجريدة الرسمية.
ولما اعتبرت لجنة مناهضة التعذيب انه يجب على الدولة اللبنانية ضمان تمتع جميع المحتجزين، قانونا وممارسة، بجميع الضمانات القانونية الاساسية من اللحظة الاولى لاحتجازهم.
ولما اوصت اللجنة ذاتها بانه ينبغي ايضا على الدولة ادراج الحظر المطلق للتعذيب في تشريعاتها وتطبيقها وانه لا يجوز التذرع باي ظروف استثنائية كما لضرورة التقيد بفترات الاحتجاز القصوى حاليا قبل المثول امام القاضي.
رابعا: الحق بالخصوصية والحرية
لما اعتبرت تجريم المثلية اختراقا للمادة 3 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان التي تكفل الحق بالحرية والحياة.
ولما اعتبرت تجريم المثلية خرقا للمادتين 12 من الاعلان نفسه و17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واللتين تمنعان جواز تعريض الاشخاص للتدخل في خصوصياتهم او حياتهم الخاصة على نحو تعسفي او غير قانوني.
ولما كانت حرية اعتناق الاراء والتعبير عنها بكافة الوسائل هي حق مصان، كما حق التجمع السلمي وتأليف الجمعيات.
ولما كانت قد اوصت اللجنة المعنية بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في توصيتها رقم 14 من الملاحظات الختامية على تقرير لبنان، في نيسان 2018، انه على الدولة اتخاذ جميع التدابير اللازمة لكي تكفل، في الممارسة العملية، التمتع الفعلي بالحق في حرية التعبير والتجمع السلمي للافراد المثليين والمثليات وباقي اعضاء مجتمع الميم.
خامسا: في قانون العقوبات
لما شكل تجريم الافراد على اساس ميولهم الجنسية او هويتهم الجنسانية في لبنان عبر المادة 534 من قانون العقوبات، انتهاكا صارخا لمبدأي المساواة وعدم التمييز، وبالتالي خرق الالتزامات الدولية والمبادىء الدستورية المتمثلة بعدم جواز التمييز بين المواطنين وتمتعهم جميعا بالحقوق على السواء.
ولما كانت تحتوي هذه المادة على عبارات غامضة وفضفاضة تحتمل الكثير من التأويلات.
ولما كانت هذه المادة لا تجرم صراحة العلاقات المثلية بل يستأنس بها قضاة النيابات العامة كما قضاة التحقيق واجهزة انفاذ القانون في لبنان لتوقيف الافراد على اساس ميلهم الجنسي او هويتهم الجندرية. ولما كان وجود عبارة “على خلاف الطبيعة” في المادة 534 تشكل حجة للقضاة لادانة السلوك الجنسي الحاصل بين افراد بالغين او في بعض الأحيان ادانة عابري الهوية الجنسانية/الجندرية.
ولما كانت هذه المادة قد ترجمت بشكل خاطىء عن نصها الاصلي بالفرنسية، والذي لم يجرم المثلية او السلوك المثلي بذاته بل كان يعاقب الاستغلال الجنسي للقاصرين تحت سن الـ 21 وذلك لحمايتهم من اعتداءات الجيش الالماني الجنسية اثناء الحرب العالمية الثانية.
ولما كان على المشرع واجب تحديث القوانين لترعى الحداثة والوضع الحالي وضمان المساواة بين المواطنين وعدم التمييز او التحريض عليه، كل هذه الاسباب تعطي الحجة الشرعية لالغاء هذه المادة القانونية.
سادساً: التقدم الطبي
لما اعتبرت منظمة الصحة العالمية ان المثلية الجنسية ليست مرضاً يقتضي معالجته.
ولما قد الغت منذ اوائل التسعينات، المنظمة عينها اعتبار المثلية الجنسية من ضمن فئة الامراض النفسية.
ولما تبنت هذه القرارات كل من الجمعية اللبنانية لعلم النفس والجمعية اللبنانية للطبّ النفسي واللتين اعتبرتا ان المثلية الجنسية لا تشكل اضطرابا عقلياً ولذلك لا تستلزم العلاج.
لذلك، نتقدم من المجلس الينابي المحترم بمشروع القانون المرفق راجياً اقراره.
الاسباب الموجبة
ان بلدا مشغوفا بالقيم الانسانية وعلى رأسها كرامة الانسان وحرية التعبير كلبنان، لم يعد ممكنا ان يبقى على عقوبة الحبس للمجامعة خلافا للطبيعة ضمن منظومته التشريعية الوضعية مع العلم ان عدم تجريم المثلية الجنسية لا يعني تشريعها انما الغاء صفة الجرم عن الافراد، ليس فقط لأن الانسان حرّ في جسده فقط بل لعدة اسباب على الشكل الاتي:
اولا ـ في الدستور اللبناني
لما كانت مقدمة الدستور تصن على ان لبنان عضو مؤسس وعامل في منظمة الامم المتحد وملتزم مواثيقها والاعلان العالمي لحقوق الانسان، وعلى الدولة ان تجسد هذه المبادىء في جميع الحقول والمجالات دون استثناء وهي اقرت في الفقرة ج على ان الجمهورية اللبنانية قائمة على احترام الحريات العامة، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز او تفضيل.
ولما كانت المادة 7 من الدستور تؤكد على المساواة بين جميع المواطنين فكلهم سواء امام القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية.
ولما كانت المادة 8 من الدستور نصت على عدم جواز التوقيف او الحبس او تحديد جرم او عقوبة الا بمقتضى القانون.
ولما كانت المادة 13 تكفل حرية ابداء الرأي والاجتماع وتأليف الجمعيات.
ثانياً ـ في المساواة وعدم التمييز
ولما كان لبنان قد التزم بشرعة حقوق الانسان التي نصت على مبادىء المساواة وعدم التمييز.
ولما كان لبنان قد التزم ايضا بعدد من اتفاقيات حقوق الانسان الاساسية ولا سيما اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة وهي اكدت كذلك على موجب عدم التمييز تجاه اي شخص.
ولما كانت المنظومة الدولية لحقوق الانسان قد شددت على حظر التمييز على اساس الميول الجنسية والهوية الجنسانية ولا سيما ما جاء في التعليق العام رقم 20 الصادر عن لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
اضافة الى ما أدته اللجنة لناحية التوسع في فهم الحق في الصحة باعتباره انه يعني الحق في التمتع بصحة جيدة فقط بل هو يشمل حريات واستحقاقات على حد سواء.
اما الحريات فتتضمن حق الانسان في التحكم بجسده وصحته، بما في ذلك صحته الجنسية والانجابية، والحق في ان يكون في مأمن من التدخل، مثل الحق في ان يكون في مأمن من التعذيب.
ولما كانت آليات الامم المتحدة لحماية حقوق الانسان قد اولت اهتماما للمادة 534 حيث اوصت اللجنة المعنية بالحقوق المدنية والسياسية في العام 534 بحظر التمييز الواقع على اساس الميل الجنسي والهوية الجنسانية.
ثالثاً ـ في منع التعذيب
لما كان قد التزم لبنان باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللاانسانية او المهينة.
ولما لحظت هذه الاتفاقية ان الفحوصات الشرجية التي تجرى على المثليين في لبنان هي نوع من انواع التعذيب والمعاملة او العقوبة القاسية او اللانسانية او الحاطة بالكرامة.
ولما اوصت هيومن رايتس ووتش (Human Rights Watch) في تقريرها الصادر في تموز 2016، بضرورة منع هذه الفحوصات المهينة للاشخاص قانونياً.
ولما اوصت لجنة مناهضة التعذيب في مجلس حقوق الانسان ايضا بهذا الخصوص في ملاحظاتها الختامية على تقرير لبنان بناء على ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة وعلى المواد 2 و11 و13 و15 و16 من اتفاقية مناهضة التعذيب مطالبة بوقف هذه الفحوصات واتخاذ تدابير فعالة لمنع تعسف الشرطة القائم على اساس الميول الجنسية والهوية الجنسانية.
المصدر: الديار