الكارثة الإنسانية تفوق الإمكانيات ولكن الحلول ممكنة
بقلم: فــرح بيــروت
تصوير: خالد عياد
خاص الصحافة اللبنانية الدولية – مع بدء توسع العدوان الصهيوني على لبنان، هرب أكثر من مليون و200 ألف مواطن من منازلهم بحثاً عن الأمن، في وطن بات يخلو من كل مقومات الأمان، بسبب المسيرات والبوارج والطائرات الحربية التي تقصف مدنه بمختلف أنواع الأسلحة الصاروخية المحرمة والحارقة وحتى الخارقة للدروع.
قد يبدو مشهد المواطنين المنتشرين في المدارس والبيوت المستأجرة بأسعار عالية في المناطق التي توصف بأنها “آمنة” عادياً، يتكرر مع كل عدوان إسرائيلي على جنوب لبنان، إلا أن هذا المشهد يختلف تماماً في هذه الحرب، إزاء قرارٍ واضح من حكومة الكيان ورئيسها بنيامين نتنياهو ووزير دفاعها يوآف غالانت، بمحاولة القضاء على أكبر عددٍ ممكن من البشر والحجر والشجر، وكل ما له صلة ببيئة “حزب الله”، التي تقف دائماً بصلابة إلى جانب المقاومة منذ سنوات وتدافع عن حدودها مع فلسطين المحتلة والقضية الفلسطينية بالدم قبل السلاح.
هذه البيئة الصامدة، قررت بكامل كرامتها وإرادتها أن تفترش الأرصفة والساحات والحدائق وحتى شاطئ البحر في مناطق ساحة النجمة، المنارة، والروشة… هرباً من الصواريخ المدمرة المتساقطة كالأمطار على بيوتهم وأحيائهم ومناطقهم، غير آبهين بتغيّر الأحوال الجوية والعطش والجوع والخصوصية. قرروا جميعهم أن يفترشوا الأرض بكرامتهم قبل الأغطية التي منحت لهم كمساعدات بمبادرات فردية. ولكن ألا يستحق هؤلاء الناجون من الجنون الإسرائيلي بعض الرأفة من حكومة تصريف الأعمال المتمثلة بالرئيس نجيب ميقاتي.
لقد عملت الحكومة اللبنانية منذ بداية ما يسمى بالنزوح القهري للمواطنين، على تأمين المدارس الرسمية والمهنيات لاستقبال أهالي الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية ومحيطها، إلا أن أماكن الإيواء المفتوحة إلى الآن لا تكفي أمام الأعداد المتزايدة من الهاربين، وهو ما يستدعي تدخل سريع من قبل الوزاراة المعنية لتأمين البدائل عن الأرصفة والمفارق الضيقة في العراء.
هل يبدو غريباً على مسامع الوزراء المعنية مبنى المدينة الرياضية؟ ألا يمكن للحكومة أن تتخذ قراراً بفتح الملعب الكبير وغرفه لاستقبال الأهالي المتضررين قبل بداية فضل الشتاء وما يحمله من أمطار وسيول وأمواج عالية، هذا المبنى الضخم الذي يمكنه استيعاب عشرات العائلات بمكان فسيح ومراقب من الجيش اللبناني، ألا يمكن للمسؤولين باتخاذ هكذا قرار وطني لمساعدة النازحين.
وأيضاً، هل من غير الوارد أن تلجأ الدولة إلى مبنى الforum de Beyrouth في ضواحي العاصمة وفتحه للمواطنين، عله يشعّ ببعض الأمان والطمأنية في مكان محمي بالجدران القادرة على حمايتهم بشكل مؤقت من برد الشتاء وما ستحمله الأيام القادمة من مفاجآت جديدة غير متوقعة.
وبالتالي، تملك الحكومة الكثير من الخيارات الأخرى لمساعدة الهاربين، فهناك أيضاً حديقة الصنايع والبيال والكثير من الأماكن الفارغة التي يمكن الإستفادة منها في الوقت الحالي لتجبت كارثة إجتماعية وإنسانية وبيئية متنقلة في مختلف المناطق اللبنانية.
في المحصلة، وبالرغم من الجهود الحكومية المبذولة لتنفيذ خطة طوارئ وتأمين مراكز إيواء مؤقتة وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين، إلاّ أن استمرار القصف الإسرائيلي في مناطق كانت تعتبر آمنة في الحروب السابقة تفرض واقع مختلف وتحديات جديدة تفوق الإمكانات المتاحة، مما يجعل التعامل من هذه الأزمة أكثر صعوبة مع الوقت وتحتاج إلى حلول عاجلة إلى جانب عمل الجمعيات الخيرية والمنظمات المحلية والمبادرات الفردية.
علماً أن وحدة إدارة الكوارث اللبنانية ذكرت في تقرير لها أن العدد الأولي للنازحين تخطى المليون و200 ألف شخص خلال أسبوع واحد، وأن عدد مراكز الإيواء بلغ حوالي 880 مركزاً. ولكن يبدو أن هذا الرقم قد يزداد في الأيام القادمة، إذا لم يتم الاتفاق على صيغة لوقف العدوان واستمر إطلاق النار الإسرائيلي العشوائي الذي يطال المدنيين وبيوتهم.