الهجوم على القاعدة الاميركية في الاردن خطير
كتب العميد الركن بهاء حلال- باحث في الشؤون السياسية والعسكرية الاستراتيجية
تطور عسكري خطير..
وعملية غير مسبوقة بطائرة مسيرة أدت إلى مقتل ٣ جنود أمريكيين وجرح حوالي ٢٥ جندي آخرين.
والمنطقة أضحت قاب قوسين أو أدنى على شفير حرب وشيكة وانفجار كبير يزيد من خطر الذهاب الى الحرب الشاملة أكثر من أي وقت مضى هكذا هي الحال بعد قيام المقاومة باستهداف قاعدة عسكرية أميركية تسمى البرج ٢٢ ويعتقد أنها في الأراضي الأردنية (شمالي شرق الأردن حسب تأكيد المصادر الأميركية ونفي السلطات الأردنية عن وجود هكذا قاعدة على أراضيها).
وهذا الخبر يؤكد أننا في حال صعبة جدا على المستوى العسكري حيث أن بدء بالحرب سهل جدا من قبل طرف واحد و لكن إلى أين يجر ويأخذ هذا القرار بتداعياته، لا يمكن لأحد أن يتوقع إلى أي مآل ستؤول الأمور العملياتية أو الى كيفية خروج أي طرف من هكذا وضع محرج، كما أنني ومن خلال خبرتي ومراقبتي للأحداث وماهيتها وخلفياتها لا أعتقد أن الجيش الأميركي سوف يرد باكثر من عملية موضعية تستهدف مراكز إطلاق هذه الطائرة المسيرة ليس إلا رغم أن الناطق العسكري الأميركي اتهم إيران وحلفائها في الشرق الأوسط بالهجوم لكن الجمهورية الإسلامية الإيرانية نفت ضلوعها أو علمها بهذه العملية الهجومية معتبرة أن هذه الاتهامات لها غرض سياسي بحت وتهدف إلى قلب الحقائق السياسية وشددت أن القوى التي تقاتل اسرائيل لا تأخذ اصلا أوامرها من إيران فيما خص استراتيجيتها أو تفاصيل عملها العسكري أو أساليب عملها المقاوم .
أننا أمام تصعيد من أميركا واسرائيل يقابله تصعيد من محور المقاومة
والحقيقة بالتحليل ليس غريبا وبعد حوالي ١٦٠ استهداف لقواعد أميركية (وعددها اربع في سوريا والعراق وعديد القوى فيها حوالي ٣٠٠٠ جندي وضابط أميركي) وبعد أن الخسائر فيها لم تكن كبيرة إلا أنه في هذه العملية التي هي موضوع المقالة اعلاه كانت الخسائر واضحة وكبيرة على كاهل الأميركيين حيث أن مأثر الطائرة المسيرة كان في الغرف المأهولة من قبل الجنود مما أدى إلى هذا العدد الكبير من الاصابات من قتيل وجريح دون استطاعة الدفاعات الجوية التدخل في الوقت المناسب، وهذه المرة الأولى منذ بدء الحرب على غزة تكبدت القوات الاميركية هذا العدد من الخسائر، وان ذهبنا هنا إلى البحث عن تداعيات هذه العملية !!
لوجدنا أننا أمام تصعيد من أميركا واسرائيل يقابله تصعيد من محور المقاومة على امتداد دوله واطرافه وساحاته البرية والبحرية وكان من نتيجته اخيرا هذه العملية ومن الطبيعي أن يكون للولايات المتحدة رد فعل حتمي فهي لن تسكت على تكبدها الخسائر واستهدافها المباشر ولكنها تحاذر الانزلاق إلى حرب واسعة.
اولا : لعدم الاستجابة لمطالبات بعض المسؤولين الأميركيين في الكونغرس الاميركي والتي تتناغم مع مطالبات الاسرائيلين وتحديدا نتانياهو بتوسيع رقعة الحرب لتشمل إيران ايضا
وثانيا : لكي لا تؤثر هذه الحرب على مندرجات التحضير للانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة في خضم التنافس بين الحزب الديمقراطي الحاكم والحزب الجمهوري
ولكن إذا دققنا بالموقف الأميركي نرى ان إمكانية الاستجابة الاميركية لتمنيات الاسرائيلين وتمنيات بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي فيها صعوبة إن لم نقل استحالة لأن الدخول في تصعيد كبير يؤدي إلى حرب إقليمية أو دولية له تداعيات خطيرة لا تحمد عقباها فالدخول فيها ممكن لكن الخروج من تداعياتها مستحيل فإذا احتمال أن تقوم أميركا بضربة كبيرة ضعيف جدا.
واعتقد انها ستقوم بضربة موضعية على المنفذين للعملية
وهنا نذهب لنرى ما هي احتمالات الرد على الهجوم وهل سيطال إيران ويفجر الحرب الكبرى ،؟
للإجابة على هذا السؤال يجب النظر إلى أن موازين القوى الإقليمية وتحديدا الإيرانية لاتسمح ابدا باستهدافها والانزلاق إلى حرب إقليمية تؤدي إلى نتائج وخيمة على الغرب وعلى الولايات المتحدة الأميركية .
حيث أن أي عملي أميركية علنية أو سرية ضد إيران وان كانت ضرب منشئة أو استهداف أحد قادة الحرس الثوري يمكن أن يعيق الجهود الأميركية لتحقيق هدنة بين اسرائيل وحماس وان بايدن أيضا سيحتاج أيضا لأن ينظر في العواقب الاقتصادية المحتملة لخطواته التالية بما في ذلك وسط الصراع الأميركي المستمر بين اليمن (الحوثيين ) في البحر الاحمر والذي أدى بالفعل إلى شل التجارة البحرية العالمية
ما الحلول اذا ؟
اذا ذهبت هذه الدول الكبرى الى تطبيق مبدأ الواقعية المطلقة في الإقليم واعتبرت ما يجري في فلسطين وتحديدا في غزة هو إبادة جماعية أدت إلى كوارث إنسانية سيئة من قبل اسرائيل على شعب أعزل يعاني منذ أكثر من 75 سنة من احتلال وقهر وعذاب وتهجير واذا طبقت أميركا الواقعية واعترفـت بحق الفلسطينين ووضعت حدا للسياسة الاحتلالية الاسرائيلية وللقتل الاسرائيلي والتدمير في غزة
فعندها تنتهي الحرب في البحر الاحمر ويقف إطلاق النار في جبهة الجنوب اللبناني و تمتنع المقاومة العراقية عن استهداف القوات الأميركية.
لذا فإن العملية التي نحن بصدد تحليل تداعياتها هي خطيرة جدا
وغير مسبوقة بنتائجها وجرأتها وبقياس القدرات العملياتية التي كشفت عنها الجهة التي استهدفت القاعدة الاميركية
لكن يبقى التوقع بما سيحدث وكأنه تنجيم..
ولذايبقى السؤال الكبير هل ستؤدي هذه العملية إلى تدحرج كبير للأحداث يأخذ معه المنطقة إلى خيارات سرطانية لا ينفع معها أي علاج سوى العلاج الكيميائي الذي يبيد كل الخلايا إذا اعتبرنا أن كل خلية هي دولة ما في الشرق الاوسط.