تحقيقات

تقرير غربي:” الدولة اللبنانية تستخدم قوّة “حزب الله” لتعزيز مكاسبها: تفاوض اللواء ابراهيم حول الحدود البحرية نموذجا

صورة: خالد عياد

كشف تقرير نشرته أمس “مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات” بقلم الباحث ديفيد داوود بأن الدولة اللبنانية تقوم بنوع من “الابتزاز” أو “الشانتاج” ضد اسرائيل مستندة الى قوّة السلاح التي يتمتع بها “حزب الله” في اتهام شبه معلن بالتواطؤ بين الطرفين. وأعطى التقرير مثالا حيّا من المفاوضات التي قادها لبنان عبر المدير العام السابق للأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، معتبرا بأن ابراهيم كان يعمل باسم الدولة اللبنانية متعاونا مع “حزب الله” لجني أكبر قدر من المكاسب التي تصب في تحسين شروط التفاوض المتعلقة بالمصالح الوطنية اللبنانية. وفي التقرير الذي حمل عنوان:”لبنان يعتمد على “حزب الله” لابتزاز إسرائيل في المفاوضات حول الحدود”، ذكر الكاتب بأن ” المدير العام للأمن العام اللبناني ورئيس الجانب اللبناني المحاور خلال المفاوضات البحرية [اللواء] عباس ابراهيم، أنكر بشكل حاسم بأن يكون الجانب اللبناني غير ذي فاعلية. وفي مقابلة أجراها ما بعد تقاعده، وصف [ابراهيم] نفسه بأنه يعمل يدا بيد مع “حزب الله” من اجل تحقيق مصالح لبنان الوطنية. وشرح أنه حين كان الجانب اللبناني يستشعر أي تردد اسرائيلي حيال المطالب اللبنانية، كان “حزب الله” يتمكن من التصرف بشكل عدواني بينما يمرر نصر الله تهديداته بالحرب عبر عبّاس [ابراهيم] الى آموس هوكستين، -المفاوض الاميركي الرئيسي- الذي يعمد حينها الى الضغط على اسرائيل لتقديم تنازل”.
تطرق التقرير الى الحرب المندلعة حاليا على الحدود الشمالية لاسرائيل أي جنوب لبنان منذ 8 تشرين الاول\اكتوبر الماضي معتبرا بأن ما حدث ابان المفاوضات على الحدود البحرية يتكرر. وذكر التقرير بأن “ما يستلزمه الامر من لبنان – الذي قدّم وعدا بنشر 15 ألف من جنوده على الحدود مع اسرائيل- هو المطالبة بأن يحكم سيطرته على اراضيه وأن يجرّد “حزب الله” من سلاحه، أو أقله أن يعيد تموضع هذه الجماعة في شمالي نهر الليطاني، وكذلك تطوير تفويض قوات الامم المتحدة العاملة في جنوب لبنان “اليونيفيل” كي تسهم في مساعدة الدولة اللبنانية في هذه المهمة”. ولفت التقرير:” ثبت بأن السياجات التي ارساها القرار 1701 هي وهمية، إذ يتبادل الطرفان النيران عبر الحدود منذ ما يزيد عن خمسة اشهر، ويتزاحم الدبلوماسيون حاليا من أجل تجنّب التصعيد”. أضاف:”عوض أن يدعم لبنان هذه الجهود، فإنه يستثمرها. وبدلا من أن تقوم بيروت بلجم “حزب الله”، فإنها – فرضا انها لا تعمل بالتناغم معه- تحاول في اقل تقدير أن تستخدم هجوماته كورقة للمساومة، هادفة الى ربط انهاء دورة العنف الذي يمارسه “حزب الله” بصفقة متكاملة، يتمكن من خلالها لبنان من انتزاع تنازلات من المجتمع الدولي واسرائيل”.
وأشار التقرير الى أن الجهود الدبلوماسية الرامية الى كبح ميل لبنان للعب بالنار ذهبت سدى، مشيرا:” يبدو بأن الحكومة اللبنانية على يقين بأنها ستحوز على شروط افضل مع تزايد اليأس الدولي من لجم هجمات “حزب الله”. ويبدو بأن المانحين الغربيين عبّروا عن ارادتهم بإعادة تمويل الاقتصاد اللبناني الفاشل بغية “تلطيف الصفقة”، إلا أن ذلك أسفر فقط عن تعزيز اعتقاد بيروت بأن هذا الابتزاز لا بدّ أن يحظى بمكافأة في نهاية المطاف. وقد يعتقد “حزب الله” بأن حرص واشنطن على تجنب اندلاع حرب كبرى يصب في صالحه”. ولفت التقرير:”ليس “حزب الله” والحكومة اللبنانية على خطأ في تقييم مخاوف واشنطن من التصعيد. وبغية فهم التفاعل القائم بين الحكومة اللبنانية و”حزب الله” اليوم، من الجوهري معرفة كيفية العمل بشكل ثنائي مترادف أثناء الوساطة حول النزاع الحدودي البحري بين لبنان واسرائيل في حقبة امتدت بين يناير واكتوبر 2022 برعاية ادارة جو بايدن، والتي كانت بشأن الحدود البحرية التي من المتوقع أن تحتوي على بقع الغاز قد تحمل مكاسب كبرى.
في ذلك الوقت، اكتشف حزب الله أيضاً رغبة الولايات المتحدة اليائسة في تجنب اندلاع حرب كبرى في الشرق الأوسط بينما كانت تواجه بالفعل الغزو الروسي لأوكرانيا. قرر “الحزب” على حد تعبير نصر الله: “استغلال” الوضع عبر التهديد المتكرر بالحرب لارغام الأميركيين والإسرائيليين على القبول بإتفاق حول الحدود البحرية”.
أضاف:” في حين لم يعترف لبنان الرسمي بهذا التعاون، فإنه بات جليّا بفعل مسار الحوادث.
تقوم بيروت اولا بتبنّي موقف محدد، بعدها يدعمه “حزب الله” من خلال تصعيد تهديداته، من اجل ذلك، تبنت المجموعة [اي حزب الله] الحد الادنى من المطالب الرسمية المتمثلة بالخط 23 وليس كما كان متوقعا المطالبة بالحد الاقصى المتمثل بالخط 29.
كما أن لبنان لم يتنصل من الموقف العام لـ”حزب الله” خلال المفاوضات، ولم يعمد الى انتقاد مواقفه سوى مرة وحيدة تحت ضغط الولايات المتحدة الأميركية فحسب. في هذه الاثناء، أقرّ نصر الله بهذا التكافل المتبادل، فكرر مرارا بأن “حزب الله” يعمل من أجل تعزيز المصلحة الوطنية اللبنانية بحسب ما تقرها مواقف الحكومة”.
ولفت التقرير:”ان المدير العام للأمن العام اللبناني ورئيس الجانب اللبناني المحاور خلال المفاوضات البحرية عباس ابراهيم، أنكر بشكل حاسم بأن يكون الجانب اللبنلني غير ذي فاعلية. وفي مقابلة أجراها ما بعد تقاعده، وصف نفسه بأنه يعمل يدا بيد مع “حزب الله” من اجل تحقيق مصالح لبنان الوطنية. وشرح أنه حين كان الجانب اللبناني يستشعر أي تردد اسرائيلي حيال المطالب اللبنانية، كان “حزب الله” يتمكن من التصرف بشكل عدواني بينما يمرر نصر الله تهديداته بالحرب عبر عبّاس الى آموس هوكستين، -المفاوض الاميركي الرئيسي- الذي يعمد حينها الى الضغط على اسرائيل لتقديم تنازل”.
وختم التقرير:” في ظل اندلاع حرب اشد تدميرا من أي حرب خاضها “حزب الله” وإسرائيل على الإطلاق، فإن المنطقة معلقة على “سيف داموكليس”. وقد يكون مغريا التمسك بهذه الجزرة الوهمية التي تقدمها الحكومة اللبنانية. قد لا يكون لبنان متطابقا كليا مع “حزب الله”، ولكنه من الصعب نكران بأن بيروت تسعى مجددا الى جني المكاسب عبر الافادة من العصا الحقيقية والخطرة التي يشهرها “حزب الله””.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى