بين حربي تموز و”الحدود”… الدمار واحد
“تعرّضت نحو 100 بلدة في الجنوب لهجوم من الجانب الاسرائيلي، وتمّ توثيق حوالي 2000 هجوم. وتشير مصادر عسكرية للصحافة العبرية الى أنّ الجيش الاسرائيلي و”حزب الله” لم يستعملا 5% من قوّتهما حتى الآن.”
فاطمة البسام
الصور بعدسة: الزميل عبد القادر الباي
المشهد غير نهائي، وهو قابل للتعديل وأن يزداد سوءاً في كل لحظة تطول فيها الحرب. أكثر من أربعة أشهر من القصف المتواصل الذي لم يعد محصوراً بالقرى الحدودية، بل وصل إلى سماء الضاحية الجنوبية في الاستهداف الذي طال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” صالح العاروري، واغتيالات أخرى حصلت في قرى لم تقصف منذ حرب تموز، قضت على مدنيين ومقاتلين في “حزب الله”، عدا عن الخراب الذي خلّفته الغارات والمدفعية الاسرائيلية التي تزداد وحشيتها يوماً بعد يوم.
مشهد الدمار لا يختلف كثيراً عن المشهد الذي خلّفته حرب تموز 2006 بلسان أهل الجنوب، لكنه محصور بين قرى القطاعين الغربي والشرقي من بليدا إلى عيترون ومارون الراس ويارون وميس الجبل، وصولاً إلى عيتا الشعب والضهيرة وكفركلا ويارين ومروحين. ويقول شهود عيان إنّ الغارات الجويّة التي ينفّذها العدو على الأحياء السكنية أقلّ عنفاً من تلك التي على الأحراج. ولا يقتصر هذا المشهد على البيوت والطرق العامّة، فالدمار لحق بالغابات والأحراج والبساتين وكامل الرقعة الخضراء.
وتعرّضت نحو 100 بلدة في الجنوب لهجوم من الجانب الاسرائيلي، وتمّ توثيق حوالي 2000 هجوم. وتشير مصادر عسكرية للصحافة العبرية الى أنّ الجيش الاسرائيلي و”حزب الله” لم يستعملا 5% من قوّتهما حتى الآن، ما ينذر بدمار هائل قد يطال الجهتين في حال توسّعت رقعة الحرب بين الطرفين.
“80% من البيوت مدمر”
يؤكد رئيس بلدية عيتا الشعب الجنوبية محمد سرور لموقع “لبنان الكبير”، أن حجم الدمار ضخم، باعتبار أن الحصة الأكبر من القصف كانت من نصيب عيتا الشعب بداية الاشتباكات، مشيراً الى أن أحياء بكاملها، أصبحت ركاماً على الأرض، بنسبة 80%، فضلاً عن البيوت المتصدعة التي لم تعد صالحة للسكن بتاتاً، بفضل إستعمال “القازانات” التي لديها قدرة تدميرية هائلة، تفوق القذائف والصواريخ.
ويشبّه سرور الدمار بحرب تموز، إلاّ أن لا أحد يجرؤ على زيارة تلك المناطق ومعاينتها قبل جلاء الحرب.
“كل شي بيتحرّك مستهدف”
يتفق رئيس بلدية ميس الجبل عبد المنعم شقير، مع رئيس بلدية عيتا الشعب، من ناحية حجم الدمار، بحسب ما يقول لـ”لبنان الكبير”، لافتاً إلى أن هناك حوالي 600 بيت مدمر بصورة كلّية أو جزئية وفق احصاءات السكان.
ومن المعروف أن ميس مشهورة بالمحال التجارية وغالبيتها تبيع المفروشات والسجاد والأدوات المنزلية، وقد تهشمت واجهاتها، وأصبحت البضائع في الشارع، يؤكد شقير، مشدداً على أن الأضرار كبيرة حتى اللحظة، فالاسرائيلي يستهدف “كل شي بيتحرّك”.
“استهداف 10 مجمعات تجارية”
رئيس بلدية حولا شكيب قطيش، يعتبر أن حجم الدمار الذي طال البلدة يفوق الدمار الذي حصل في حرب تموز، فهناك أحياء في البلدة تعرضت للقصف لأول مرّة منذ التحرير، موضحاً أن الدمار طال مؤسسات، مجمعات تجارية، وإدارات رسمية، ولم يقتصر على البيوت فقط. وبحسب قطيش حجم الدمار يزداد كل يوم، لأن الاعتداءات تتوسع. أمّا عدد السكان في البلدة فلا يتجاوز الـ 20 عائلة، ويتناقص كل يوم.
ويرى أحد المراسلين الذي كان عمله ميدانياً أثناء حرب تموز، أن الدمار يتشابه، إلاّ أن هناك عدّة فوارق أهمها عدم وجود وسائل تواصل لتوثيق ما يجري، وهذا يلعب دوراً مهماً في نقل الحدث وأرشفته، وخلق تفاعل وتعاطف مع الجمهور.
نوع الأسلحة التي يستعملها العدو اليوم، باتت أكثر تطوراً ودقة من ناحية وصولها إلى الهدف، وهذا يبدو واضحاً من خلال سلاح المسيرات الذي يعتبر الأقوى في هذه الحرب، بالاضافة إلى أن الغارات باتت أكثر فتكاً، فغارة واحدة يمكنها أن تقضي على حي بأكمله، مثلما حصل في عدشيت والقنطرة وغيرها، بإعتباره تدميراً ممنهجاً.
ويقول المراسل: “لا يمكننا تعميم المقارنة، فهذا الأمر سابق لأوانه، لأن بعض القرى لا يمكن الوصول إليه من أجل رؤية حجم الدمار”.
وأوعز وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب إلى مندوب لبنان لدى الامم المتحدة، بتقديم شكوى أمام مجلس الأمن عقب سلسلة اعتداءات اسرائيلية بتاريخ ١٤ شباط على أهداف مدنية تُعتبر الأعنف والأكثر دموية منذ ٨ تشرين الأول الفائت.
“سندا لقانون الملكية الفكرية والادبية وحفاظا على حقوق صاحب الصور يحظر نسخ او إعادة نشر واستخدام الصور بأي شكل من الاشكال دون ذكر اسم صاحبها على ذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية”